وأوضح من ذلك قوله عليه السلام: في رواية تحف العقول في ضابط ما يكتسب به {1} و كل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك كله حلال بيعه وشراؤه الخ. إذ لا يراد منه مجرد المنفعة وإلا لعم الأشياء كلها {2} وقوله في آخره إنما حرم الله الصناعة التي يجئ منها الفساد محضا نظير كذا وكذا إلى آخر ما ذكره، فإن كثيرا من الأمثلة المذكورة هناك لها منافع محللة فإن الأشربة المحرمة كثيرا ما ينتفع بها في معالجة الدواب بل المرضى، فجعلها مما يجئ منه الفساد محضا باعتبار عدم الاعتناء بهذه المصالح لندرتها، إلا أن الاشكال في تعيين المنفعة النادرة وتميزها عن غيرها فالواجب الرجوع في مقام الشك إلى أدلة التجارة ونحوها مما ذكرنا، ومنه يظهر أن الأقوى
جواز بيع السباع بناء على وقوع التذكية عليها للانتفاع البين بجلودها، وقد نص في الرواية على بعضها وكذا شحومها وعظامها، وأما لحومها فالمصرح به في التذكرة عدم الجواز معللا بندور المنفعة المحللة المقصودة منه كإطعام الكلاب المحترمة وجوارح الطير ويظهر أيضا
جواز بيع الهرة، وهو المنصوص في غير واحد من الروايات ونسبه في موضع من التذكرة إلى علمائنا بخلاف القرد لأن المصلحة المقصودة منه وهو حفظ المتاع، نادر {3}.
____________________
{1} هذا ينافي ما ذكره آنفا من جعل هذه الجملة من الرواية مؤيدة لما بينه من أن مقتضى القاعدة هي الصحة فيما فيه منفعة نادرة مقصودة للعقلاء.
{2} وهذا أيضا ينافي استحسانه لما عن الدروس والتنقيح من جعل عدة أشياء مما لا نفع له بوجه فتدبر.
{3} وفيه مضافا إلى ما تقدم من أن المنفعة النادرة توجب صحة البيع، أنه لا نسلم كون منفعته أقل من منفعة الهرة.
وعليه فيمكن الاستدلال لجواز بيع القرد بفحوى ما دل على جواز بيع الهرة (1). كما لا يخفى.
(٢٣٩)