البدر الزاهر في صلاة الجمعة والمسافر - الشيخ المنتظري - الصفحة ٧٦
السابق
لحقوقهم، (1) فلا محالة كان المرجع الحق لتلك الأمور الاجتماعية التي يبتلى بها

١ - لا يخفى أن مقتضى الأصل الأولي عدم الحكومة والولاية بأنحائها لأحد على أحد، إذ بحسب التكوين والخلقة كل فرد منحاز عن غيره ومستقل بذاته، فبأي ملاك يتسلط أحد الفردين على الآخر وينفذ حكمه في حقه مع وجود العزلة التكوينية بينهما؟ فجميع الناس بحسب الأصل الأولي - إذا لوحظ بعضهم بالنسبة إلى بعض آخر - أحرار مستقلون، وإذا حكم بعضهم على بعض وتسلط عليه يراه الوجدان تعديا وظلما.
فالحكومة والسلطنة بل والمالكية الظاهرية إنما تتحقق في وعاء الاعتبار وتنفذ بحسب الوجدان بتبع السلطنة والمالكية الحقيقية التكوينية.
فالوجدان إنما يلزم المملوك على إطاعة من يملك ذاته، ولا يرى له التخلف عن أوامره نواهيه.
ولا مالك في عالم الوجود إلا الله تعالى، فهو مالك لعبيده بشراشر ذواتهم مالكية تكوينية، لكونهم متقومي الذات بذاته. فالعقل يحكم بوجوب إطاعة البارىء وكونه مسلطا على عبيده يحكم فيهم ما يشاء ويفعل ما يريد، ولا يشاركه في ذلك أحد حتى الأنبياء والرسل، فإن صرف جعل منصب النبوة والرسالة لهم لا يقتضي تسلطهم على النفوس الناس أعراضهم بل مقتضاه كونهم سفراء بين الله وبين خلقه في تبليغ الأحكام.
فالحكومة التي يحكم الوجدان بحقيتها ونفوذها إنما هي لله تعالى بتبع مالكيته التكوينية. قد أشار بذلك في مواضع من كتابه الكريم:
منها: قوله في سورة المائدة، الآية ٤٤: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) الآية ٤٥: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) والآية ٤٧: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) والآية ٥٠: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) وفي سورة المؤمن، الآية ١٢: (فالحكم لله العلي الكبير) ونحو ذلك من الآيات الكثيرة. هذا.
ولكن له تعالى أن يجعل غيره خليفة له في ذلك وإماما للناس من قبله بحيث يجب على الناس أن يأتموا به ويطيعوا أمره. ويكون هذه الإطاعة أيضا بنظر الوجدان من شؤون إطاعة الله تعالى، وقد أشار بذلك أيضا في القرآن، حيث قال في سورة ص، الآية ٢٦: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) ففرع حاكمية داود على جعله خليفة من قبله.
وهذا المنصب يعلو شرفا على منصب النبوة والرسالة بمراتب، لاقتضائه تسلطا على المجتمع لا يقتضيها ذاك كما عرفت.
نعم يمكن أن يجتمع المنصبان لشخص واحد بجعله تعالى، وقد جعل الله تعالى عدة من أنبيائه أئمة للناس، كما صرح ببعضهم في القرآن، وقال في سورة الأحزاب، الآية ٦ في حق نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم): (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فجعل له منصب الولاية والحكومة على الناس، وهذا منصب غير منصب النبوة.
وبالجملة الوجدان لا يلزم أحدا على إطاعة غيره إلا إذا كان الغير مالكا له بالمالكية الحقيقية أو منصوبا من قبل المالك من جهة أن إطاعة المنصوب أيضا من شؤون إطاعته.
وبما ذكرنا يظهر أن سائس المسلمين وزعيمهم يجب أن يتعين من قبل الله تعالى بتعيين رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصريح منه، كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الغدير - بعد ما أخذ بيد علي (عليه السلام) -:
" أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه. " (الغدير ج ١ ص ١١).
وأما الانتخاب العمومي فلا يغني عن الحق شيئا ولا يلزم الوجدان أحدا على إطاعة منتخب الأكثرية، إذ المنتخب بمنزلة الوكيل، والموكل ليس ملزما على إطاعة وكلية بل له أن يعزله مهما شاء.
هذا بالنسبة إلى الأكثرية، وأما بالنسبة إلى الأقلية فالأمر أوضح، إذ لا يجب على أحد بحسب الوجدان أن يطيع وكيل غيره. وعلى هذا فيختل النظام، فلابد لتنظيم الاجتماع من وجود سائس يجب بحسب الوجدان إطاعته وينفذ حكمه ولو كان بضرر المحكوم عليه، ليس ذلك إلا من كانت حكومته وولايته بتعيين الله تعالى ومن شؤون سلطنته المطلقة ولو بوسائط كالفقيه العادل المنصوب من قبل الأئمة (عليهم السلام) المتعينين بتعيين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وبما ذكرنا انهدم أساس خلافة الثلاثة وأركان الحكومات المتداولة غير المنتهية إلى جعل الله تعالى، فافهم واغتنم.
ح ع - م.
(٧٦)
التالي
الاولى ١
٣٩٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المقرر 6
2 الفصل الأول في صلاة الجمعة 9
3 وجوب صلاة الجمعة وبيان بعض ما يشترط في صحة انعقادها 10
4 تفسير آية الجمعة 11
5 إشارة إلى أمرين: 1 - بيان نكتة تاريخية في باب إقامة الجمعة 13
6 2 - تقسيم مسائل الفقه إلى أصول متلقاة وتفريعات مستنبطة 15
7 طوائف الأخبار التي يستدل بها على وجوب الجمعة: 1 - ما تدل على وجوب حضور الجمعة بعد فرض انعقادها 19
8 عناوين جهات البحث في المسألة 28
9 نقل كلمات الأصحاب 29
10 البحث عن جهتين من الجهات في المسألة: الجهة الأولى: هل يشترط في الجمعة حضور الإمام أو من نصبه؟ 33
11 ما تدل على اشتراط الإمام أو من نصبه 33
12 2 - الأخبار الدالة على اشتراط الجمعة بالإمام أو من نصبه 38
13 إشارة إجمالية إلى طبقات رجال الأحاديث 39
14 الجهة الثانية: هل تحرم الجمعة في حال الغيبة؟ 46
15 3 - ما استدل بها على ترخيص الأئمة " ع " في إقامتها والجواب عنها 47
16 فذلكة ما سبق 66
17 تذنيبان: الأول: في بيان وجه الإفتاء بكون الفقهاء مأذونين في إقامة الجمعة 68
18 وإشارة إجمالية إلى ولاية الفقيه وحدودها 69
19 الثاني: في بيان قسمي شروط صلاة الجمعة 78
20 العدد المعتبر في الجمعة 79
21 فرع في بيان حكم ما إذا انعقدت الجمعة ثم انفض العدد 84
22 الفصل الثاني في صلاة المسافر 86
23 اختلاف العامة في كون القصر عزيمة 87
24 تفسير آية القصر 88
25 الشروط المعتبرة في القصر: 1 - المسافة 90
26 الأقوال في تحديد المسافة المعتبرة 90
27 طوائف أخبار المسألة: 1 - ما تدل على أن المسافة المعتبرة بريدان (أخبار الثمانية) 93
28 1 - ما تدل على أن المسافة المعتبرة بريد (أخبار الأربعة) 98
29 3 - ما تدل على أن الأربعة مسافة بشرط أن يتعقبها الرجوع (أخبار التلفيق) 101
30 البحث في مقامين: الأول هل يعتبر في المسافة التلفيقية عدم كون الذهاب أو الإياب أقل من أربعة؟ 106
31 الثاني: هل يشترط في المسافة التلفيقية كون الرجوع ليومه؟ 109
32 4 - الأخبار التي يستفاد منها عدم اعتبار الرجوع ليومه، وعمدتها أخبار عرفات 113
33 المناقشة في الاستدلال بأخبار عرفات 116
34 بحث في سند فقه الرضا 122
35 5 - ما ربما يستفاد منها اعتبار الرجوع لليوم 124
36 المناقشة في الاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار 125
37 الأقوال فيمن لم يرجع ليومه في المسافة الملفقة 131
38 ها هنا خمس مسائل: 1 - مرجع التعبيرات الواردة في تحديد المسافة 133
39 2 - تحديد الفرسخ والميل والذراع 135
40 3 - حكم الشك في المسافة 138
41 هل الظن بالمسافة حجة أو لا؟ 142
42 4 - حكم الفحص عند الشك في المسافة 144
43 5 - مبدأ المسافة 146
44 2 - قصد المسافة 152
45 3 - أن لا يكون كثير السفر 154
46 نقل الأقوال في المسألة 155
47 أخبار المسألة 157
48 مخالفة العنوان المشهور للعنوانين المستثنيين: 1 - كون بيته معه. 2 - كون السفر عملا له 160
49 هل يكون لخصوصية التحرف دخل في الحكم أو الاعتبار بصرف الكثرة؟ 162
50 تذييل ومناقشة فيما سبق 167
51 ها هنا ست مسائل: 1 - حكم من كثر سفره في بعض السنة 170
52 2 - حكم من كثر سفره في أقل من المسافة 173
53 3 - في أن الإقامة قاطعة للكثرة 175
54 هل الإقامة في المقصد أيضا قاطعة للكثرة أولا؟ 180
55 هل يعتبر في الإقامة القصد؟ 181
56 4 - هل تختص قاطعية الإقامة بالمكاري أو يعم؟ 182
57 5 - هل يعتبر في الإقامة التوالي أولا؟ 183
58 6 - هل يثبت حكم الكثرة في السفر الثاني أو الثالث؟ 184
59 أن لا يقطع السفر بإحدى القواطع 186
60 وفيه فصلان: الفصل الأول: في بيان قاطعية الوطن، وتحديده 186
61 طوائف أخبار المرور بالملك 190
62 إشكالان وتفصيان 196
63 تكميل في حكم ما استوطنه ستة أشهر 198
64 نقل كلمات القدماء في المسألة 198
65 محتملات رواية ابن بزيع: 1 - إرجاع الرواية إلى ما قاله الصدوق 201
66 2 - حملها على الوطن الشرعي 203
67 3 - حملها على الوطن العرفي 206
68 ما هو محط النظر في الأخبار، وتقريب ما سموه الوطن الشرعي 208
69 تنبيه وفذلكة لما سبق 211
70 عدم اعتبار قصد الدوام في الاستيطان 214
71 الفصل الثاني: في بيان قاطعية الإقامة بقسميها: (العزم على إقامة عشرة أيام في مكان وبقاء ثلاثين يوما مترددا) 215
72 البحث في تحديد الإقامة وخصوصياتها في خمس عشرة مسألة: 1 - هل تكفي الإقامة كونها في البادية أولا؟ 218
73 2 - هل يعتبر في الإقامة كونها في محل واحد أولا؟ 219
74 3 - اعتبار عدم قصد الخروج من البلد في الإقامة 219
75 4 - هل يكفي في الإقامة اليوم الملفق أولا؟ 227
76 5 - حكم الليلة الأولى والأخيرة 228
77 6 - حكم إقامة التابع والمكره 229
78 7 - حكم إقامة الصبي 230
79 8 - هل يعتبر في بابي المسافة والإقامة العزم على العنوان أو على الواقع؟ 230
80 9 - هل يعتبر في إقامة الشهر إقامة الثلاثين أو يكفي الشهر الناقص؟ 232
81 10 - لا يعتبر في إقامة الثلاثين مضيها بنحو التردد 236
82 11 - هل خروج المقيم والمار بالوطن خروج موضوعي أو حكمي؟ 237
83 12 - حكم ما إذا عزم على الإقامة ثم بداله أن لا يقيم 245
84 هل يكون الصوم أو النافلة في استقرار حكم التمام أولا؟ 247
85 13 - هل الرباعية القضائية تكفي في استقرار حكمه؟ 248
86 14 - إذا عزم على الإقامة ثم بداله فهل يكون البداء كاشفا أو ناقلا 250
87 هل يكفي الصوم أو النافلة في استقرار حكم الإتمام أولا؟ 251
88 15 - حكم خروج المقيم إلى ما دون المسافة 253
89 5 - أن لا يكون السفر في معصية الله 263
90 أقسام سفر المعصية 265
91 ها هنا سبع مسائل: 1 - حكم ما إذا كان بعض السفر معصية وبعضه طاعة، وبيان أقسامه الأربعة 269
92 2 - إذا تبدل قصد المسافر في منزل من منازل السفر 274
93 3 - حكم حال الرجوع من سفر المعصية 277
94 4 - حكم ما إذا كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية 279
95 5 - إذا نذر أن يتم الصلاة فسافر 280
96 6 - هل الاعتبار في العصيان بالاعتقاد أو الواقع؟ 281
97 7 - إذا صام العاصي بسفره فتبدل قصده بعد الزوال 282
98 تذنيب في حكم سفر الصيد وبيان أقسامه الثلاثة 283
99 البحث عنه في مقامين: المقام الأول: في أن أيام من أقسامه يوجب القصر 283
100 طوائف أخبار سفر الصيد وتحقيق المسألة 284
101 حكم سفر الصيد إذا كان للتجارة 287
102 استكشاف النص من فتوى الأعاظم 288
103 عدم بناء المشايخ الثلاثة على إبداع جميع الأخبار في جوامعهم 289
104 المقام الثاني: في بيان حكمه التكليفي من حيث الحرمة والإباحة 290
105 6 - الوصول إلى حد الترخص 295
106 تعيين حد الترخص 295
107 تكميل في رفع التهافت بين رواية خفاء الأذان ورواية التواري من البيوت 299
108 ها هنا ست مسائل: 1 - اعتبار الترخص في طرف الرجوع أيضا 305
109 2 - هل يعتبر حد الترخص في محل الإقامة بقسميها أيضا؟ 307
110 3 - عدم اعتبار حد الترخص في السفر المنشأ من غير الوطن ومحل الإقامة 309
111 4 - إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصرا ثم بان خلافه 310
112 5 - إذا كان في سفينة أو نحوها فوصل في أثناء الصلاة إلى حد الترخص 312
113 إشارة إلى عدم كون القصر والإتمام من العناوين القصدية 312
114 حكم من بداله الإقامة وهو في صلاته 315
115 خاتمة فيها ثلاثة أمور مهمة: 1 - القصر في السفر عندنا عزيمة 317
116 ثبوت التخيير في المواطن الأربعة 318
117 البحث عنه في مقامين: المقام الأول: في إثبات أصل الحكم 318
118 المقام الثاني: في بيان موضوعه من حيث العدد، ومن حيث السعة والضيق 324
119 2 - حكم من أتم في موضع القصر 332
120 تذنيب في حكم من قصر في موضع الإتمام 341
121 ورود إشكال عقلي في المقام والجواب عنه 343
122 حكم ما إذا قصر الجاهل من باب الاتفاق 346
123 3 - حكم ما إذا كان في بعض الوقت حاضرا وفي بعضه مسافرا 348
124 وفيه ثلاث مسائل: 1 - حكم من كان في أول الوقت مسافرا ولم يصل حتى حضر 350
125 2 - إذا كان في أول الوقت حاضرا ولم يصل حتى سافر 357
126 3 - إذا فاتته الصلاة فهل يراعي في القضاء أول الوقت أو آخرة؟ 364