قادتنا كيف نعرفهم - آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٢
السابق
فقد أبطلناه» «1».

(١) شرح نهج البلاغة ج ١٢ ص ٢١٢.
قال العلامة السيد مرتضى العسكري: «من أجل فهم مغزى اجتهاد الخلفاء في الخمس وفي حق ابنة الرسول بعدما لابسهما الغموض خلال احقاب طويلة اضطررنا اولًا إلى درس المصطلحات الاسلامية: الزكاة والصدقة والفي ء والصفيّ والأنفال والغنيمة والخمس فوجدنا:
أ- ان الزكاة في الشرع الاسلامي بمعنى: عامة حق اللَّه في المال.
ب- الصدقة: اسم لما يجب اخراجه من النقدين والغلات والأنعام إذا بلغ احدها النصاب وما فرض دفعه يوم عيد الفطر، ومما يدل على ما ذكرنا ان الخمس والصدقة والصفى ذكرت في كتاب رسول صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لبيان انواع الزكاة إذا فالصدقة صنف من اصناف الزكاة وليس مرادفة لها وبالاضافة إلى ذلك لنا أن نقول: كيف تكون الزكاة بمعنى الصدقة وقد وردت في الآيات المكية وقبل أن ينزل تشريع الصدقة في المدينة، وعلى ضوء ما ذكرنا تفسر الزكاة في الحديث الشريف «إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت حق اللَّه في المال»: بأنه إذا اديت المفروض عليك في مالك فقد قضيت حق اللَّه، وأما الدفع المستحب من المال فهو نفل وليس بحق وكذلك تفسر في الحديث «من استفاد مالًا فلا زكاة حتى يحول الحول» بانه لا حق للَّه في ماله حتى يحول الحول، وكذلك الشأن في نظائرهما.
والصدقة مشتركة فيما ذكرناه آنفاً وفي ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة نفلا كان او فرضاً والفرق بينهما ان الحق المفروض في النقدين والغلات والأنعام إذا أخذها الحاكم قهراً يكون زكاة وصدقة واجبة وليس بالصدقة التي يخرجها الانسان على وجه القربة.
ج- والفي ء: ما حصل من اموال الكفار من غير حرب، واجمعوا على أن اموال بني النضير كان من الفي ء وان النبي تصرف فيها تصرف الملاك في املاكهم.
د- الأنفال، جمع النفل: العطية والهبة، والنفل: الزيادة على الواجب وانفله: أعطاه زيادة واستعمل الأنفال في القرآن الكريم في غزاة بدرحين سلب اللَّه عن المسلمين تملك ما حازوه من المشركين يومذاك، واستعمل في أحاديث ائمة أهل البيت واريد به كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال وكل ارض انجلى عنها اهلها بغير حرب وعلى قطائع الملوك والآجام والأرضين الموات وما شابهها.
ه- الغنيمة والمغنم- كانت العرب في الجاهلية والاسلام تقول: غنم الشي ء غنماً إذا فاز به بلا مشقة، والأغتنام: انتهاز المغنم والمغنم ما يغنم، وتقول لما يحصل من جهة العدى- وهو مالًا يخلو من مشقة:- سلبه إذا أخذ ما على المسلوب وما معه من ثياب وسلاح ودابة، وتقول: حربه إذا أخذ كل ماله، وكانت النهيبة والنهبى عندهم تساوق الغنيمة والمغنم في عصرنا، وأول ما استعمل مادة (غنم) في كسب المال مطلقاً وبلا لحاظ (الفوز بلا مشقة) كان في القرآن الكريم وفي ما جمع من مال العدو ببدر وبعد ان سلب اللَّه ملكية الأفراد عنه وسماه الأنفال وجعله للَّه ولرسوله ثم جعله مغنماً للجماعة وشرع اللَّه في الآية دفع الخمس من مطلق المغانم للَّه ولرسوله ولذوي قرباه بعد ان كان في الجاهلية المرباع للرئيس خاصة، وعمم مورد الأخذ وجعله من مطلق المغانم ونزل القرض من الربع إلى الخمس ووزعه على ستة سهام بدل ان يكون سهماً واحداً وخاصاً بالرئيس، ومما يدل بالاضافة إلى ما ذكرنا- من ان الخمس فرض دفعه من مطلق المغانم: اجماع المسلمين على أن الرسول أخذ الخمس من المال المستخرج من الأرض معدناً كان أو كنزاً وهو ليس مما حازه المسلمون من العدا في الحرب.
ويدل على ذلك من السنة أيضاً أمر الرسول وفد عبد القيس ان يدفعوا (الخمس من المغنم)، قال لهم ذلك عندما سألوه ان يعلمهم احكام الاسلام كي يعلموا قبيلتهم فانهم لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الأشهر الحرم من خوف مضر ولا يتصور لهذا القبيلة أن تكون غازية ليكون المراد من المغنم هنا غنائم الحرب فلا بد أن يكون المراد من المغنم مطلق المال المكتسب.
وكذلك الشأن في ما ورد في كتب الرسول لسائر القبائل العربية التي أسلمت وكذلك في عهوده لولاته مثل ماورد في كتاب عهده لولادته الذين بعثهم الى اليمن بعد اسلام أهل اليمن (أن يأخذ- الوالي- من المغانم خمس اللَّه وما كتب على المؤمنين الصدقة. وكذلك ما ورد في كتاب الرسول لقبيلة سعد «ان يدفعوا الخمس والصدقة لرسوليه» فإن هذه القبيلة لم تكن قد خاضت حربا ليطلب النبي منها أن تدفع إلى رسوليه خمس غنائم حربهم وانما طلب منهم دفع الصدقة من مواردها ودفع خمس أرباحهم.
وكذلك المراد من خمس المغنم في سائر كتبه إلى القبائل العربية المسلمة: خمس ارباح مكاسبها. ويؤكد ما ذكرنا: ان حكم الحرب في الاسلام يخالف ما كانت عليه العرب في الجاهلية حيث كان لكل قبيلة الحق في الاغارة على غير حلفائها ونهب اموالهم كيف ما اتفق، وعند ذاك يملك كل فرد ما نهب وسلب وحرب وما عليه شي ء عدا دفع المرباع للرئيس، لم يكن الأمر هكذا في الاسلام لتصح مطالبة النبي من القبائل خمس غنائم حروبهم بدل الربع بل ان الحاكم الأعلى في الاسلام هو الذي يقرر الحرب وفق قوانين الاسلام والمسلمون ينفذون اوامره ثم الحاكم هو الذي يلي بعد الفتح قبض الغنائم أو يلي ذلك نائبه، ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً بل يأتي كل غاز بما سلب حتى الخيط والمخيط والا عد من الغلول الذي هو عار وشنار على اهله ونار يوم القيامة، ثم ان الحاكم هو الذي يقبض الخمس من الغنائم ويقسم الباقي على المجموعة، اذاً فالحاكم هو الذي يعلن الحرب في الإسلام وهو الذي يقبض الغنائم ويأخذ خمسها بنفسه ثم يقسم الباقي وليس غيره الذي يدفع الخمس اليه، وإذا كان الأمر هكذا في الاسلام، وكان اخراج الخمس على عهد النبي من شؤون النبي في هذه الأمة فما معنى طلب النبي الخمس من الناس وتأكيده ذلك في كتاب بعد كتاب ان لم يكن الخمس في تلك الكتب مثل الصدقة مما يجب على المخاطبين دفعه من اموالهم، وليس خاصاً بغنائم الحرب. وبناءعليه السّلام على ما ذكرنا اذاً فقد كان النبي يطلب ممن أسلم أن يؤدي الخمس من كل ما غنم عدا ما فرض فيهن من الصدقة، وكان مدلول الغنائم والمغانم يومذاك مساوقاً لمطلق ما ظفر به من المال ثم تطور مدلول هذه المادة عند المسلمين من بعد انتشار الفتوح ومنع الخلفاء الخمس من أهله ونسيان المسلمين هذا الحكم.
اما مواضع الخمس فقد نصت آية الخمس أن الخمس للَّه ولرسوله ولذوي قربى الرسول ويتاماهم ومساكينهم وابناء سبيلهم اذاً فالخمس يقسم ستة اسهم وما ورد في بعض الروايات أن سهم اللَّه وسهم الرسول واحد ان كان المقصود ان سبيلهما واحد وان الرسول يتصرف فيهما فهو صواب والا فهو مخالف لظاهر الآية وتواترت الروايات عن ائمة أهل البيت أن سهم ذي القربى لأهل البيت في عصر الرسول ومن بعده لهم ولسائر الأئمة الاثني عشر من أهل البيت وأن السهام الثلاثة للَّه ولرسوله ولذي قرباه للعنوان وان سهم اللَّه لرسوله يضعه حيث يشاء والسهمان بعد الرسول، للامام القائم مقامه وعلى هذا فنصف الخمس في هذه العصور لامام العصر من حيث امامته والنصف الآخر من الخمس لغير أهل بيت النبي من أيتام اقرباء النبي ومساكينهم وابناء سبيلهم وهم يستحقونها- بقرابتهم من النبي من جهة الأب وحاجتهم اليه في مؤنتهم وان فضل عنهم شي ء فللوالي، وان نقص فعلى الوالي أن يسد عوزهم وما قبضه أحدهم من الخمس وتملكه ينتقل بعد وفاته لورثته واقرباء النبي من غير أهل البيت الذين يستحقون نصف الخمس بالفقر هم ذكور اولاد عبد المطلب وذكور اولاد المطلب الذي حرمت عليهم الصدقة، ولم يرض الرسول أن يلي أحدهم على الصدقات ويصيب من سهم العاملين عليها حتى مولاهم، فانه منع مولاه من الاشتراك مع عامل الصدقة كي لا يصيب منها ومن هنا يتضح خطأ من زعم أنه بعث ابن عمه الإمام علياً إلى اليمن لقبض الصدقة مثل ابن هشام بل بعثه لقبض الخمس كما صرح به غيره».
(مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 176 إلى ص 180).
(٢٣٢)
التالي
الاولى ١
٦٦٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث و الثلاثون: على وحنو رسول الله(ص) 1
2 علي بشره رسول الله بالشهادة 2
3 بكاء رسول الله لما يلقى علي بعده 5
4 علي الشهيد الوحيد 9
5 علي يقتله أشقى الناس 14
6 علي والباكون عليه 20
7 الباب الرابع والثلاثون: على و أياديه على الناس 22
8 علي وكرمه 22
9 علي وعدله 24
10 علي وحلمه 42
11 علي وعمله في الزراعة 45
12 الباب الخامس والثلاثون: على والتقوى 48
13 علي وعبادته 49
14 علي وزهده 51
15 علي وزهده في ملبسه 58
16 علي وزهده في مأكله 70
17 علي وورعه 75
18 علي وفراشه 77
19 علي ونقش خاتمه 78
20 الباب السادس والثلاثون: على و مناصبه 80
21 علي هادي الأمة وإمامها 81
22 علي الصديق الأكبر 86
23 علي هو الفاروق 88
24 علي أب للمسلمين 90
25 الباب السابع والثلاثون: على والمناشدة 91
26 المناشدة في مسجد رسول الله 92
27 المناشدة في الشورى 99
28 المناشدة بعد بيعة عثمان 103
29 المناشدة في الرحبة 106
30 المناشدة في الكوفة 113
31 الباب الثامن والثلاثون: فاطمة الزهراء بضعة رسول الله(ص) 114
32 نسبها وحملها، وولادتها 115
33 اسماؤها وكناها وشبهها برسول الله 117
34 فضائل فاطمة على لسان رسول الله 121
35 فضائل فاطمة على لسان الأئمة الاثني عشر 141
36 ما قاله أمير المؤمنين 141
37 ما قاله الامام الحسن 143
38 ما قاله الامام الحسين 143
39 ما قاله الامام السجاد 144
40 ما قاله الامام الباقر 144
41 ما قاله الامام الصادق 148
42 ما قاله الامام الكاظم 149
43 ما قاله الامام الرضا 150
44 فاطمة وتزويجها 152
45 بيت فاطمة عليها السلام ومصلى النبي 169
46 فاطمة في بيت أمير المؤمنين 170
47 عيادة رسول الله لفاطمة 175
48 فاطمة وتمريضها للنبي 176
49 فاطمة وأولادها 176
50 فاطمة وفقد أبيها 177
51 فاطمة ومطالبتها بحقها 179
52 أ - دعوى النحلة: 180
53 ب - دعوى الميراث: 196
54 خطبة الزهراء عليها السلام 197
55 ج - سهم ذوي القربى: 215
56 فاطمة وعيادة الشيخين لها 221
57 فاطمة وعيادة النساء لها 222
58 فاطمة ووصيتها 225
59 وفاتها ودفنها 228
60 خطبة أميرالمؤمنين في رثاء فاطمة 233
61 فاطمة أول من يلحق برسول الله من أهل بيته 235
62 فاطمة والقيامة 238
63 الباب التاسع والثلاثون: الأئمة الأثناء عشر أوصياء رسول الله(ص) 248
64 الأئمة من قريش 249
65 الأئمة الإثنا عشر 250
66 من الإمام؟ 264
67 الإمام الأول: علي بن أبي طالب عليه السلام 274
68 ولادة علي بن أبي طالب 275
69 نسب علي بن أبي طالب 275
70 ما قاله رسول الله في فضل علي 278
71 نص رسول الله على إمامة علي بن أبي طالب 288
72 ما قاله الصحابة في فضل علي بن أبي طالب 291
73 ما قاله التابعون في فضل علي بن أبي طالب 325
74 ما قاله الأعلام في فضل الامام عليه السلام 348
75 علي مغفور له 374
76 شهادة علي بن أبي طالب 377
77 وصية أمير المؤمنين 382
78 الإمامان: الحسن والحسين عليهما السلام 387
79 فضائل الحسنين على لسان رسول الله 388
80 1 - ما رواه أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء: 388
81 2 - ما رواه سائر أهل البيت 390
82 3 - ما رواه ابن عباس: 394
83 4 - ما رواه جابر بن عبدالله الأنصاري: 395
84 5 - ما رواه أبو بكر بن أبي قحافة: 396
85 6 - ما رواه عمر بن الخطاب: 396
86 7 - ما رواه عبدالله بن عمر بن الخطاب: 396
87 8 - ما رواه سلمان الفارسي: 398
88 9 - ما رواه عبد الله بن مسعود: 399
89 10 - ما رواه أنس بن مالك: 399
90 11 - ما روته عائشة: 401
91 13 - ما رواه حذيفة: 402
92 14 - ما رواه أبو سعيد الخدري: 402
93 15 - ما رواه أبو رافع: 403
94 16 - ما رواه أبو هريرة: 404
95 17 - ما رواه سائر الصحابة والتابعون: 406
96 ما قاله الأعلام في فضائل الحسنين 410
97 الإمام الثاني: الحسن بن علي عليه السلام 413
98 ولادة الحسن 414
99 ما قاله رسول الله في فضل الحسن 417
100 ما قاله الصحابة والتابعون في فضل الحسن بن علي 424
101 ما قاله الأعلام في فضل الحسن بن علي 427
102 كرامات الحسن بن علي 429
103 مناقب الحسن بن علي 432
104 كرم الحسن بن علي 435
105 عبادة الحسن بن علي 440
106 ما علمه رسول الله للحسن بن علي 443
107 خلافة الحسن بن علي 444
108 الإمام الحسن بن علي ولائموه 466
109 إحتجاج الحسن 474
110 نماذج من علم الحسن 479
111 بلاغة الحسن بن علي 488
112 التزكية والتعليم 502
113 شهادة الإمام الحسن بن علي 506
114 الباب التاسع والثلاثون: الأئمة الأثناء عشر أوصياء رسول الله(ص) 521
115 الإمام الثالث: الحسين بن علي عليهما السلام 522
116 ولادة الحسين 523
117 فضائل الحسين على لسان رسول الله 525
118 فضائل الحسين على لسان الصحابة 534
119 كرم الحسين 536
120 مناقب الحسين 540
121 عبادة الحسين 541
122 إخبار النبي بقتل الحسين ويوم قتله ومحل دفنه 545
123 إخبار أمير المؤمنين بقتل الحسين في كربلا 550
124 مسير الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء 553
125 المنازل التي نزل بها الحسين من مكة حتى كربلاء 576
126 مما روي عن الأئمة في شهادة الحسين 608
127 مآتم الحسين 623
128 الآيات التي ظهرت بعد قتل الحسين 632
129 عقوبة قاتلي الحسين 635