إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي - محمد علي البار - الصفحة ١٥٩
السابق
الحجامة (1):
فإذا أردت الحجامة فليكن في اثنتي عشرة ليلة من الهلال إلى خمسة عشر فإنه أصلح لبدنك. فإذا نقص الشهر فلا تحتجم إلا أن تكون مضطرا إلى ذلك لأن الدم ينقص في نقصان الهلال ويزيد في زيادته.

(١) ورد الكلام عن الحجامة في كتاب رمز الصحة للسيد محمود الموسوي الأصفهاني. ولم يرد عنه أي شئ في كتاب السيد مهدي الخرسان طب الإمام الرضا.
وقد وردت أحاديث كثيرة في الحجامة ذكرها ابن القيم في كتابه الطب النبوي، وذكرها بتوسع أكثر الامام السيوطي في كتابه (المنهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي) الذي حققه الدكتور حسن مقبولي الأهدل. وقد ذكرها أيضا موفق الدين البغدادي في كتابه الطب من الكتاب والسنة الذي حققه الدكتور عبد المعطي قلعجي. وسنذكر فيما يلي نبذة من هذه الأحاديث ثم نذكر بعض المعلومات الطبية عن الحجامة.
* أخرج أبو داود في سننه وأبو نعيم في الطب النبوي وابن ماجة في كتاب الطب من سننه باب الحجامة والإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كان في شئ مما تداويتم به خيرا، فالحجامة).
* وأخرج البخاري في تاريخه، والحاكم في المستدرك وصححه عن أبي هريرة يرفعه: أن جبريل أخبره أن الحجم أنفع ما تداوى به الناس.
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه: (ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا قال: عليك بالحجامة. وقال: إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة، ويوم إحدى وعشرين).
أخرجه الترمذي في سننه كتاب الطب وقال عنه حديث حسن غريب وابن ماجة والحاكم وصححه.
والحديث معلول قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج ١٠ / ١٥٠) وعلته عباد بن منصور.
* وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن جابر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الحجم شفاء).
وأخرج الحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه، قال: دخل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فقال: ما هذا يا رسول الله؟ قال: الحجم، وهو خير ما تداويتم به.
ومثله أن القائل هو أبو هريرة فقال: الحجم وهو خير ما تداوى به العرب (أخرجه ابن السني وأبو نعيم).
* وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كان في شئ من أدويتكم شفاء ففي شرطة محجم، أو لعقة عسل أو كية تصيب، وما أحبه إذا اكتوى.
* وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى عشرين، كان له شفاء من كل داء.
* عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجموا لخمس عشرة أو سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله) أخرجه الطبراني والبزار في مسنده، ورواه الترمذي مرفوعا خلا قوله يتبيغ بأحدكم الدم.
وقد قال الإمام الرضا: (فإذا أردت الحجامة فليكن في اثنتي عشرة ليلة من الهلال إلى خمسة عشر) وقال ابن سينا في القانون: (ويأمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت، ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها، لتزايد النور في جرم القمر، وتزيد الدماغ في الاقحاف، والمياه في الأنهار ذوات المد والجزر).
ويقول ابن القيم في الطب النبوي: (وتستحب الحجامة في وسط الشهر لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ، وفي آخره يكون قد سكن.. أما في وسطه فيكون في نهاية التزايد).
وقد ظهرت في العصر الحديث أبحاث مفادها أن القمر عندما يكون بدرا، أي في الثالث عشر الرابع عشر والخامس عشر، يزداد التهييج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة. ويقول الدكتور ليبر عالم النفس بميامي في الولايات المتحدة: (إن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وخاصة بين مدمني الكحول والميالين إلى الحوادث وذوي النزعات الاجرامية...). ويشرح نظريته قائلا: (إن جسم الانسان مثل سطح الأرض يتكون من 80 بالمئة من الماء والباقي هو من المواد الصلبة). ومن ثم فهو يعتقد بأن قوة الجاذبية القمرية التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات تسبب أيضا هذا المد في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. وهو نفسه ما عبر عنه القدماء بتهيج الأخلاط وتبيغ الدم.. وكما يحدث المد في البحر عند اكتمال البدر يحدث هياج الدم وتبيغه في الجسم عند اكتمال القمر أي في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. وهو بالضبط ما ذكره الإمام علي الرضا، والرضا نقله عن جده المصطفى صلى الله عليه وسلم كما ورد في الأحاديث التي نقلنا بعضا منها ورغم أن الطب الحديث لم يعد يهتم بالحجامة إلا أن الطب الشعبي لا يزال يذكر استخدام كاسات الهواء Cupping حيث يسخن الهواء بداخل الكأس فيتمدد بالحرارة وعند ملامسته للجلد يبرد الهواء فينكمش ويقل حجمه فيحدث فراغا داخل الكأس، مما يجذب الجلد إلى داخل الكأس. وقد يقوم الشخص بإحداث جروح سطحية بالمشرط ثم توضع الكأس بالطريقة السابقة نفسها وذلك يؤدي إلى خروج كمية من الدم من الأوعية الدموية السطحية.
وكانت الحجامة تستخدم لعلاج التهابات المفاصل والآلام الروماتيزمية، وضغط الدم، ولتخفيف آلام الذبحة الصدرية والتهاب غشاء القلب والتهاب عضلة القلب، وآلام الرقبة والرأس والبطن وأوجاع العيون.
ويزعم الدكتور عبد المعطي قلعجي أن كل النشرات الطبية والمجلات الطبية والكتب الطبية كانت تذكر الحجامة وفوائدها حتى عام 1960 وذلك في تحقيقه لكتاب موفق الدين البغدادي (الطب من الكتاب والسنة) ص 41 - 44. ولا شك أن كلامه هذا مبالغ فيه جدا..
ولا تزال الحجامة تستخدم في الطب الشعبي في مختلف أقطار الدنيا وخاصة لمعالجة آلام الروماتيزم الشديد. ويذكر الدكتور قلعجي كتابا للدكتور Forsterling (دون أن يذكر اسم الكتاب ولا الناشر) وأنه أشار إلى فائدة الحجامة في علاج أمراض الروماتيزم. كما ذكر كتاب الأستاذ الدكتور محمد زكي سويدان (التمريض والاسعاف) وأنه ذكر فيه فوائد الحجامة لعلاج حالات هبوط القلب المصاحب بارتشاح في الرئتين وفي أمراض القلب والصدر وآلام المفاصل. وذكر أن الأستاذ الدكتور عبد العظيم رفعت ذكر استخدام الحجامة في علاج عسر البول الناتج عن التهاب الكلية وأن الحجامة تكون على الخاصرة.
ورغم أني مارست الطب لمدة تزيد على ربع قرن إلا أني لم أشاهد أي طبيب يستخدم الحجامة ولم اقرأ عن الحجامة في أي كتاب طبي. ولا شك أن الأطباء اليوم مبتعدون عن الحجامة وأن مجالها في الوقت الحاضر الطب الشعبي. ولا يمنع هذا من إجراء البحوث والتجارب عليها، بل ينبغي ذلك، وخاصة في مراكز البحث العلمي والجامعات.
(١٥٩)
التالي
الاولى ١
١٨٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 3
2 الباب الأول: فضائل أهل البيت النبوي 8
3 تفسير قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) 10
4 كلان ابن تيمية 10
5 كلام ابن جرير الطبري 11
6 كلام القرطبي 14
7 كلام ابن كثير 15
8 حديث الثقلين 15
9 آية المباهلة 17
10 كلام ابن جرير 18
11 تفسير القرطبي 18
12 تفسير ابن كثير 19
13 قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) 19
14 تفسير ابن جرير 19
15 تفسير ابن عطية 21
16 بعض الأحاديث التي وردت في آل البيت 21
17 من مناقب الإمام علي (كرم الله وجهه) 21
18 من صحيح البخاري 21
19 من صحيح مسلم 22
20 من سنن النسائي 23
21 من سنن الترمذي 23
22 من سنن ابن ماجة 23
23 من المستدرك للحاكم 24
24 بعض الأحاديث الواردة في فاطمة وبنيها (رضي الله عنهم) 28
25 بعض مناقب الحسن والحسن (رضي الله عنهما) 31
26 أحاديث في آل البيت عامة 33
27 من أصول الإسلام محبة آل البيت 36
28 كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في وجوب محبة آل البيت وتوقيرهم 36
29 كلامه في حقوق آل البيت وأن بغضهم علامة الكفر والنفاق 40
30 موقف أهل السنة من آل البيت النبوي الكريم 42
31 موقف الإمام مالك بن أنس 42
32 أبو حنيفة النعمان 46
33 الإمام الشافعي 50
34 الإمام أحمد بن حنبل 54
35 الإمام النسائي 54
36 كلام ابن تيمية في المهدي 55
37 أحاديث المهدي تبلغ حد التواتر 56
38 كلام ابن حجر الهيتمي وغيره من العلماء 56
39 موقف الشيخ عبد المحسن العباد والشيخ عبد العزيز بن باز من أحاديث المهدي 59
40 بعض المصنفات في المهدي 60
41 واجب من ينتسب إلى البيت النبوي الطاهر 61
42 فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز 63
43 الباب الثاني: الإمام علي الرضا: حياته وعلمه وكراماته وفضله 65
44 (1) الإمام علي الرضا 66
45 نسبه ومولده 66
46 من شعر أبي نواس في الإمام الرضا 66
47 من شعر دعبل الخزاعي 67
48 قصة المأمون مع الإمام علي الرضا 69
49 كتاب العهد الذي كتبه المأمون لعلي الرضا 70
50 التعليق على هذا الكتاب ورد قول د. حسن إبراهيم حسن وبروكلمان 72
51 ما كتبه الإمام علي الرضا بخطه على عهد المأمون 74
52 صلاته بالناس يوم العيد 75
53 من كلامه ومروياته وصفاته 76
54 موقفه مع بعض الصوفية 81
55 من كراماته (رضي الله عنه) 82
56 احتباس المطر بعد البيعة بولاية العهد للرضا 87
57 (2) والد الإمام الرضا: الإمام موسى الكاظم 91
58 صفته ونسبه 91
59 من كراماته 92
60 (3) ابن الإمام علي الرضا: الإمام محمد الجواد 97
61 نسبه وصفته وعلمه 97
62 من كلامه ومروياته 100
63 (4) مولى الإمام علي الرضا: معروف بن الفيرزان الكرخي 101
64 نسبه وقصة إسلامه على يد علي الرضا 101
65 إقبال معروف على الله 103
66 من كلامه 103
67 من كراماته 105
68 من تلاميذه 105
69 الباب الثالث: الرسالة الذهبية ومصنفات الإمام علي الرضا 106
70 مصنفات الإمام علي الرضا 107
71 طب الإمام الرضا 108
72 مخطوطات الرسالة الذهبية 108
73 مطبوعات الرسالة الذهبية 110
74 الشروح التي وضعت على هذه الرسالة 110
75 سبب تأليف الرسالة وتسميتها 113
76 رسالة المأمون إلى الإمام الرضا وتقريظه الرسالة 115
77 قيمة الرسالة العلمية والتاريخية 117
78 الباب الرابع: المدخل إلى فهم كتب الطب القديمة وكتب الطب النبوي 121
79 كتاب المدخل الصغير إلى علم الطب للرازي 123
80 الرازي يلخص الفلسفات اليونانية في خلق العالم وتكوين العناصر 123
81 الأمزجة الأربعة في جسم الانسان 124
82 الدم 124
83 البلغم 125
84 المرة الصفراء 125
85 المرة السوداء 126
86 خصائص الأمزجة ومراحل عمر الانسان 127
87 الباب الخامس: نص الرسالة الذهبية وشرح بعض مفرداتها والتعليق عليها 131
88 نص الرسالة الذهبية 132
89 علم الجفر 132
90 إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء 133
91 مثال الجسم على مثال الملك ووظائف الأعضاء 134
92 عمارة الجسم مثل عمارة الأرض الطيبة والاعتدال في الطعام 136
93 فصول السنة 138
94 وصف الشراب الخلال 141
95 قوة النفس تابعة لمزاج البدن 142
96 النوم سلطان الدماغ 142
97 السواك 143
98 بعض المآكل والممارسات وما يضر الجمع بينها 145
99 الحمام 145
100 الحجامة 147
101 نصائح عامة: أهمية عدم حبس البول 151
102 أكل التمريقي من البواسير 152
103 الزنجبيل لمعالجة النسيان وتقوية الذاكرة 153
104 وضع قطنة في الاذن عند النوم 155
105 أكل الشهد وقاية من الزكام 155
106 معرفة أنواع العسل 156
107 شم النرجس والحبة السوداء وقاية من الزكام 157
108 أكل الخيار في الصيف والتحذير من الجلوس في الشمس 158
109 فوائد أكل السمك الطري 159
110 فوائد أكل الثوم 176 تدبير أمر الجماع 161
111 تدبير أمر السفر 163
112 مراحل العمر 164