لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٣٠٧
السابق
ثم أطلقها صرخة، والدموع تنساب من عينيه، وقد أحس بالاستضعاف:
ما لك؟ (يقصد عمر بن سعد) قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلط عليك من يذبحك على فراشك. ثم رفع يديه الكريمتين نحو السماء وتمثل قائلا:
اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمدا خلقا وخلقا ومنطقا وكنا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا إليه اللهم، فامنعهم بركات الأرض وفرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا.
قاتل علي الأكبر القوم، وأبوه يرى بلاءه فيهم. واشتد العطش عليه، فعاد إلى أبيه يستسقيه، ليستجمع قواه، ويكر من جديد على جيش الأعداء. غير أن الحسين (ع) أدرك أنه ليس بينه وبين مفارقة الحياة إلا فترة قصيرة. ففضل أن يبقى على عطشه حتى يلقى الله تعالى فأعطى بذلك لابنه روحا جديدة، فقال له: (ما أسرع الملتقى بجدك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها أبدا). ثم راح يقاتل الأعداء، فحملوا عليه وطعنوه بالرماح وضربوه بالسيف على رأسه، وقطعوه بالسيوف قطعا. وفارقت نفسه الحياة، وجاء أبوه يودعه، فما وجده إلا جثة هامدة مضرجة بدماء العزة الإيمان. فقال: على الدنيا بعدك العفا ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول يعز على جدك وأبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك وتستغيث بهم فلا يغيثونك.
إنهم يدركون أن نسل الرسول صلى الله عليه وآله مهدد بالانقراض. وهم يمعنون في ذلك. فبنو أمية أنفع لهم من بني هاشم التي أخذتهم بالعزائم ونغصت عليهم حياتهم بالورع والفضيلة.
كان معسكر الحسين (ع) مكتضا بالأطفال والنساء. اشتد عليهم العطش، ولا يزال الحسين (ع) وآل بيته يستسقون القوم، فلم يجيبوهم. كان (العباس) حاضرا ذلك المشهد، وضاق صدره وطلب من الحسين (ع) أن يخرج إلى القوم الظالمين. فنادى في القوم.
(٣٠٧)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 الاهداء 8
3 المقدمة 9
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 15
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 19
6 مدخل 24
7 ثم ماذا 27
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 33
9 الخلافة الراشدة 36
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 47
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 59
12 كلمة البدء 60
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 75
14 وأثرت السؤال 81
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 86
16 رحلة جديدة مع التاريخ 87
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 88
18 السقيفة 110
19 الوفاة وملابساتها 111
20 عصر ما بعد السقيفة 132
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 144
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 164
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 173
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 195
25 بيعة الإمام علي (ع) 206
26 صفين: مأزق المآزق! 223
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 246
28 الامام الحسن والواقع الصعب 252
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 265
30 واشر أب الملك بنفسه 269
31 وملك يزيد 272
32 ملحمة كربلاء 274
33 لقد شيعني الحسين 289
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 298
35 مفهوم الصحابي 299
36 نماذج وباقات 302
37 أبو بكر 304
38 عائشة بنت أبي بكر 310
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 321
40 ليس كل الصحابة عدول 325
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 327
42 مفهوم الإمامة 330
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 352
44 البداء 369
45 وأخيرا 374