لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٤٧
السابق
لقد كان عمرو بن العاص أحد دهاتها الكبار. كما كان على بينة من المتطلب الديني، وحيث إن الدنيا هي من يتصدر قائمة الأولويات في اهتمام عمرو، وحيث أنه لم يكن له إيمان يمنعه من الوقوف في وجه الحق والشرع، فإنه حول المسألة منذ البداية إلى صفقة تجارية.
ومعاوية، يدرك بحكم الدهاء والمكيدة أن عمرو من تلك الطينة. ويدرك أنه ما هرب بنفسه عن عثمان وخذلانه إياه، إلا اعتصاما بمصلحة الذات ورغباتها.
وما أشد معرفة الداهية بالداهية.
وكان وردان غلاما لعمرو لا يقل دهاء قال له يوم عزم على اللحاق بمعاوية:
أما وإنك إن شئت نبأتك بما في نفسك. فقال عمرو: هات يا وردان.
فقال:
اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك، فقلت مع علي الآخرة بلا دنيا، ومع معاوية دنيا بغير آخرة، فأنت واقف بينهما. فقال عمرو: ما أخطأت ما في نفسي (180).
هناك كثير مما يمكن أن يستفيده عمرو من معاوية، فهو أهل دنيا، والتفاوض مع أهل الدنيا، سهل، بل وهو أمر مؤكد بالنسبة لرجل مثل عمرو لا يأبه برجالاتها. بخلاف ما يمكن أن يحصل لو أن الأمر في يد رجل مثل علي (ع)، لا يرى بابا أمام أهل الأهواء إلا غلقه ولا بابا ينزوون خلفه إلا فتحه.
وهناك، كذلك الكثير مما يمكن أن يستفيده معاوية من عمرو. فالرجل داهية إذا انضم إليه نفعه، وإذا صار ضده ضره، وهو ذو سابقية في محاربة الإسلام، وما حك دبرة إلا أدماها، وهو رجل لا نسب له يطمعه في الرفعة، ولا دين يمنعه من المكيدة. ويذكر صاحب العقد الفريد: (181) علم معاوية والله إن لم يبايعه

(180) - ابن قتيبة - الإمامة والسياسة - ص 96.
(181) ابن عبد ربه، عن سفيان بن عينة (في العقد الفريد)، يقول: أخبرني أبو موسى الأشعري قال: أخبرني الحسن، قال علم معاوية.
(٢٤٧)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 الاهداء 8
3 المقدمة 9
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 15
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 19
6 مدخل 24
7 ثم ماذا 27
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 33
9 الخلافة الراشدة 36
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 47
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 59
12 كلمة البدء 60
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 75
14 وأثرت السؤال 81
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 86
16 رحلة جديدة مع التاريخ 87
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 88
18 السقيفة 110
19 الوفاة وملابساتها 111
20 عصر ما بعد السقيفة 132
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 144
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 164
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 173
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 195
25 بيعة الإمام علي (ع) 206
26 صفين: مأزق المآزق! 223
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 246
28 الامام الحسن والواقع الصعب 252
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 265
30 واشر أب الملك بنفسه 269
31 وملك يزيد 272
32 ملحمة كربلاء 274
33 لقد شيعني الحسين 289
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 298
35 مفهوم الصحابي 299
36 نماذج وباقات 302
37 أبو بكر 304
38 عائشة بنت أبي بكر 310
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 321
40 ليس كل الصحابة عدول 325
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 327
42 مفهوم الإمامة 330
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 352
44 البداء 369
45 وأخيرا 374