لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٣٣
السابق
كمالها. إن الإمام عليا (ع) لم يكن إماما لزمانه، لجيله، لإرضه،.. للمستوى الذي يهيمن على ذلك الجيل وتلك الأرض، إن الإمام علي (ع) إمام للإنسان، ويخاطب النضج البشري في مختلف مراحله. يخاطب من وراء جيل من الرعاع، وزمن غابر بسيط، أجيالا متمدنة، وأزمانا معقدة. لذلك لم يفهموه، كما يفهمه الشيعي الذي عرف عليا من خلال النص ومن خلال العقل.
هنا أتفق بكل قوة مع الجابري، في أن منطق القبيلة والغنيمة والعقيدة، كان هو المحدد الرئيسي للعقل السياسي العربي. ولكنني لا اتفق معه في كثير من القضايا التي ترتبط بتلك المحددات. فالإمام علي (ع) بقي مرفوضا، لأنه حكم منطق العقيدة. ولكنه لم يراع المتطلب القبلي والغنيمي. لذلك رفض من قبل قطاع كبير من الناس كما تقدم، أولئك الذين تربوا في ترف الحقبة العثمانية.
إلا أن الشئ الذي غاب عن الكثير ممن استحمرتهم وأبهرت وعيهم، لعبة (الشعرة) التي أرسى قواعدها معاوية بن أبي سفيان، ليصبح بذلك الرجل القوي في المعارك السياسية ضد الإمام علي (ع) الذي بدا في عين الآخرين كأنه عديم الخبرة، هو أنهم لم يفهموا الواقع الذي جاءت فيه الخلافة لعلي (ع) وشخصية علي (ع) كذلك.
فالخلافة جاءت لعلي (ع) والأمة كلها تحت الهيمنة الأموية. ولأن كان عثمان قد قتل، فإن معاوية ومن حوله من الأمويين لا يزال مهيمنا على الشام. ثابت الأركان ذا نفوذ لا يطال. وأهل الشام لا يعرفون عن علي (ع) ولا غيره شيئا.
. وجاءت الخلافة لعلي (ع) والناس أشبه ما يكونون بالرجل المريض، لا يسمعون ولا يطيعون. وضاقوا من شدة علي (ع) وتنمره. فراحوا إلى السكون، والتمسوا السلام، على كل المفاسد التي لا تزال تهدد صرح الأمة الإسلامية. إنه في قوم قال عنهم: (لقد أفسدتم علي رأيي بالعصيان). وهو الذي ود لو يبدل أصحابه يومها ويصرف العدد الكبير منهم بواحد من أصحاب معاوية (161).

(161) - لوددت لو أصرفكم - بأصحاب معاوية - صرف الدينار بالدرهم.
(٢٣٣)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 الاهداء 8
3 المقدمة 9
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 15
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 19
6 مدخل 24
7 ثم ماذا 27
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 33
9 الخلافة الراشدة 36
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 47
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 59
12 كلمة البدء 60
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 75
14 وأثرت السؤال 81
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 86
16 رحلة جديدة مع التاريخ 87
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 88
18 السقيفة 110
19 الوفاة وملابساتها 111
20 عصر ما بعد السقيفة 132
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 144
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 164
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 173
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 195
25 بيعة الإمام علي (ع) 206
26 صفين: مأزق المآزق! 223
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 246
28 الامام الحسن والواقع الصعب 252
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 265
30 واشر أب الملك بنفسه 269
31 وملك يزيد 272
32 ملحمة كربلاء 274
33 لقد شيعني الحسين 289
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 298
35 مفهوم الصحابي 299
36 نماذج وباقات 302
37 أبو بكر 304
38 عائشة بنت أبي بكر 310
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 321
40 ليس كل الصحابة عدول 325
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 327
42 مفهوم الإمامة 330
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 352
44 البداء 369
45 وأخيرا 374