لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٢١
السابق
مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك وغلبت على رأيك (146) ودخلت عليه زوجه نائلة بعد ذلك، تحذره من مروان، وتحثه على طاعة الإمام علي (ع) وكانت قد أمرته بأن يرسل إلى علي (ع) ليستصلحه لما له من قرابة وسمعة. فأرسل عثمان إلى علي (ع) فلم يأته وقال: قد أعلمته إني غير عائد. فلما سمع مروان ما قالته نائلة، قال له: يا ابنة الغرافصة! فقال عثمان: لا تذكرنها بحرف فاسود وجهك، فهي والله أنصح لي! فكف مروان (147).
لم يرجع الإمام علي (ع) إلى عثمان ولم يشأ أن يقف إلى جانب رجل، إنما ثار عليه الناس طلبا للعدالة والإصلاح، فأبى عليهم ذلك والتوى عليهم. وما بقي للإمام علي (ع) إلا أن يقوم بدوره الإنساني، وهو أن يبعث بابنيه لحراسة الباب حتى لا يهجم عليه الناس، فيقطعونه بالشكل الذي لا ينطبق مع حكم الشريعة، وينافي حقوق الإنسان كما يدركها المعصوم. تماما كما لم يشأ أن يمثل بقتيله هو عبد الله بن ملجم، وأوصى بالإحسان إليه ما لم يمت فإن مات فيقم عليه الحد الشرعي بلا زيادة ولا نقصان. هذا الانضباط الشرعي وإنسانية الإمام علي (ع) هي التي جعلته يرسل ابنيه إلى باب عثمان من دون أن يدخلوا في صراع مع ثوار الغضب، الذين أصروا على إسقاط عثمان أو تصفيته.
وحيث إن عثمان نقض الوثيقة وخان العهد مع الوفود، ولم يرد أيضا أن ينزل عن السلطة لصالح من هو أولى بها. قرر الثوار أن يقتحموا عليه الدار. ولما كان الحسن (ع) عند الباب، وحتى لا يصيبه أذى من الجماهير رأى الثوار بقيادة محمد بن أبي بكر، أن يتسلقوا عليه الدار، لينفذوا فيه الحد الثوري. فاقتحموا الدار من دار عمرو بن حزم. وسرعان ما تدفق عليه الناس، واكتضت الدار بالثوار، وانتدبوا من يقتله، وجرت محاورات بين الثوار وعثمان قبل قتله كلهم يطلبه لترك الخلافة وهو يأبى ذلك. وأي شجاعة هذه التي يملكها عثمان في الاصرار على الخلافة. هلا كان إصراره أيضا في العدل بين أقربائه والمسلمين!.

(146) - ابن الأثير في التاريخ.
(147) - نفس المصدر.
(٢٢١)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 الاهداء 8
3 المقدمة 9
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 15
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 19
6 مدخل 24
7 ثم ماذا 27
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 33
9 الخلافة الراشدة 36
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 47
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 59
12 كلمة البدء 60
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 75
14 وأثرت السؤال 81
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 86
16 رحلة جديدة مع التاريخ 87
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 88
18 السقيفة 110
19 الوفاة وملابساتها 111
20 عصر ما بعد السقيفة 132
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 144
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 164
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 173
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 195
25 بيعة الإمام علي (ع) 206
26 صفين: مأزق المآزق! 223
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 246
28 الامام الحسن والواقع الصعب 252
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 265
30 واشر أب الملك بنفسه 269
31 وملك يزيد 272
32 ملحمة كربلاء 274
33 لقد شيعني الحسين 289
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 298
35 مفهوم الصحابي 299
36 نماذج وباقات 302
37 أبو بكر 304
38 عائشة بنت أبي بكر 310
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 321
40 ليس كل الصحابة عدول 325
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 327
42 مفهوم الإمامة 330
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 352
44 البداء 369
45 وأخيرا 374