لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٠٤
السابق
غير أن الخطة التي دبرها عثمان لتحجيم المعارضة لم تنجح، لأن فئات التمرد لم تكن واحدة. بل هي مختلفة تماما، ولكل واحدة خلفياتها في التحرك، فهناك إلى جانب تلك الفئات، فئة تتحرك في ضوء هدف ثابت، هو إسقاط عثمان والخلافة، وإعادة الأمر إلى أهله من آل البيت (ع) وهؤلاء لم تلههم الفتوحات، لأنهم لم ينشغلوا بغنائمها. وعليه، فإن عثمان، كان هو نفسه مضطرا إلى سلوك أكثر من خطه في القمع السياسي. فكان حتما أن يسلك مسلكا آخر.
المسلك الثاني: أسلوب القمع، والتصفية المنهجية للمعارضة. وكان هذا ثاني أسلوب لجأ إليه عثمان، بعد أن أفلس أسلوبه الأول، ولم يحقق إلا نتائج وقتية وهذا المسلك يقضي، بتتبع آثار المعارضة، والقبض على رموزها، واتخاذ الإجراءات العنيفة ضدهم. وبكسر شوكة قيادات التمرد تنكسر عصا التمرد كله. وكانت هذه الخطة في بداية المشاورات من وحي سعيد بن العاص. إذ لما جمعهم (عثمان) والتمس آراءهم، حول مسألة التمرد قال له سعيد:
(يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد رأينا فاحسم عنا الداء، واقطع ما تخاف من الأصل، واعمل برأيي).
قال: (وما هو؟).
قال: (إن لكل قوم قادة متى تهلك تفرقوا ولا يجتمع لهم أمر.
قال عثمان: (إن هذا الرأي لولا ما فيه) (127).
كانت هذه الخطة أقرب إلى الحسم من الخطة الأولى، غير أنها مكلفة، لأن فيها مواجهة مباشرة بين عثمان وعصابة بني أمية وكبار الصحابة المتمردين. وأدرك عثمان أنه من الصعب أن يتخذ إجراءات حاسمة ومباشرة ضد هؤلاء المهاجرين إلا أنه يفقد أحيانا توازنه، فيسلك فيهم مسلكا قمعيا، فتزيد شقة التمرد اتساعا.

(127) - تجارب الأمم لمسكويه (ج 1 ص 272).
(٢٠٤)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 5
2 الاهداء 8
3 المقدمة 9
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 15
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 19
6 مدخل 24
7 ثم ماذا 27
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 33
9 الخلافة الراشدة 36
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 47
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 59
12 كلمة البدء 60
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 75
14 وأثرت السؤال 81
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 86
16 رحلة جديدة مع التاريخ 87
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 88
18 السقيفة 110
19 الوفاة وملابساتها 111
20 عصر ما بعد السقيفة 132
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 144
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 164
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 173
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 195
25 بيعة الإمام علي (ع) 206
26 صفين: مأزق المآزق! 223
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 246
28 الامام الحسن والواقع الصعب 252
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 265
30 واشر أب الملك بنفسه 269
31 وملك يزيد 272
32 ملحمة كربلاء 274
33 لقد شيعني الحسين 289
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 298
35 مفهوم الصحابي 299
36 نماذج وباقات 302
37 أبو بكر 304
38 عائشة بنت أبي بكر 310
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 321
40 ليس كل الصحابة عدول 325
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 327
42 مفهوم الإمامة 330
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 352
44 البداء 369
45 وأخيرا 374