دعوة إلى سبيل المؤمنين - طارق زين العابدين - الصفحة ١١٤
السابق
وكان عمر يحمل بين جنبيه إحساسا يجعله على قرار النبي صلى الله عليه وآله في الأمر والنهي، وإن كان هذا الإحساس يبلغ أحيانا أوجه، فيكون أبو حفص الآمر والنبي صلى الله عليه وآله المأمور!
وإلا فليس لنا تفسير لقول عمر للنبي صلى الله عليه وآله: " لا تفعل فإني أخشى... "، فهذه عبارة تبين بكل وضوح أن عمر أجلس نفسه في ذلك المقام الذي أشرنا إليه: مقام الآمر والناهي لرسول الله.
وبقوله: " إني أخشى... " يبين إحساسه بعدم قصوره عن النبي صلى الله عليه وآله في شئ، وكأنه يقول لرسول الله الكريم: إن كنت ترى تبشير الناس بالجنة - حين يستيقنون من وحدانية الله - أمرا لا بأس فيه. فأنا أرى أنه ليس صحيحا! إذا، فقد تساوت كفته مع كفة النبي صلى الله عليه وآله!!
وهو بقوله: " لا تفعل " يبين إحساسه بصواب رأيه وعدم صواب قول النبي صلى الله عليه وآله!
وليس هذا فحسب، إذ يتضمن ذلك الإحساس أيضا إحساسه بالأمر والنهي للنبي صلى الله عليه وآله، وهنا تترجح كفة عمر!... فلو كان الأمر مجرد نظر من عمر ورأي ليس له قوة الأمر لأخذ شكلا آخر، ولكن القرائن تشير إلى أن عمر لم يكن يحمل في نفسه إلا الشعور بالأمر والنهي، ولم يتعقب أبا هريرة ويلحق به إلا لينهى النبي صلى الله عليه وآله عن هذا الأمر! وضربه لأبي هريرة بتلك الصورة لأكبر دليل وأدل قرينة على ذلك، لأن النزعة الآمرة والناهية في نفس عمر جعلته يشعر بوقوع حتى أبي هريرة في الغلط، واشتراكه في اجتراح الخطأ.
وإحساس عمر تجاه النبي صلى الله عليه وآله يتضح عملا في تصرفه مع أبي هريرة بهذه الصورة.
على أن هذا الإحساس العملي تجاه النبي صلى الله عليه وآله لا يظهر من عمر إلا في شخص رسول رسول الله، وذلك لاستضعافه المسكين أبا هريرة. ولما كان هذا الإحساس منه تجاه النبي صلى الله عليه وآله يغور في أعماقه دون الظهور إلا في ألفاظه وأقواله تراه يتضح في الاعتراضات والمخالفات التي لا يسمح عمر الآمر والناهي بإخفائها في أعماقه.. ولهذا قال للنبي صلى الله عليه وآله " لا تفعل " بكل ارتياح. ولو كان عمر قانعا بقوله تعالى في شأن مقام النبي صلى الله عليه وآله: ﴿وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى﴾ (1)، ولو فهم منه عصمة النبي صلى الله عليه وآله وأن قول

(١) النجم: ٢٠ و 21.
(١١٤)
التالي
الاولى ١
٢٧٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 6
2 الانسان بين الواجب الدنيوي والمصير الأخروي 10
3 وجوب التحقيق في أمر العقيدة 13
4 متطلبات التحقيق في أمر العقيدة 16
5 الأسباب الموجبة للتحقيق في أمر أمر العقيدة 19
6 أولا: الفتن والاختلافات الحادة 19
7 ثانيا: تعدد الفرق الاسلامية 20
8 ثالثا: بعد المسافة الزمنية بين زماننا وزمان النبي صلى الله عليه وآله 20
9 رابعا: حصار أهل البيت وتكميم أفواههم 21
10 اختلاف المسلمين حول ولي الامر بعد النبي صلى الله عليه وسلم 25
11 الفصل الأول: عدالة الصحابة مقدمة في عدالة الصحابة 29
12 تعريف الصحابي 30
13 تعريف العدالة 31
14 الباب الأول: حديث اقتداء بالصحابة 35
15 شرب الخمر 37
16 الفرار من الزحف وشماتة البعض 38
17 كتمان الشهادة! شهادة الزور 40
18 سب الإمام علي عليه السلام 41
19 اختفاء المنافقين بين الصحابة 44
20 الباب الثاني: حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء 50
21 إشكالات على الحديث 51
22 اختلاف علي عليه عليه السلام وعثمان رضي الله عنه 54
23 إخبار النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر بالاحداث 55
24 محدثات أبي حفص 57
25 مخالفة الصحابة للخلفاء الأربعة 60
26 مخالفة سعد بن عبادة لأبي بكر وعمر 61
27 خلاف بعض الصحابة للخليفة الرابع 62
28 مخالفة عائشة لعثمان وعلي رضي الله عنهم 64
29 (الفصل الثاني: حديث اقتداء بأبي بكر وعمر) الباب الأول: الاقتداء بأبي بكر وعمر 67
30 من هي الزهراء؟ 69
31 ماذا كان بينها وبين أبي بكر وعمر؟ 74
32 الباب الثاني: مواقف عمر من أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وآله 89
33 عمر وصلح الحديبية 91
34 عمر وصلاة النبي على ابن أبي المنافق 103
35 ضرب عمر لمبعوث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 107
36 عمر ورزية يوم الخميس 109
37 تزييف الاعتذار من نواح أخر 114
38 (الفصل الثالث: خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه) الباب الأول: استخلاف النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر في الصلاة 123
39 الحديث المروي في صلاة أبي بكر 124
40 بحث السند 125
41 حديث أبي موسى الأشعري 125
42 حديث عبد الله بن عمر 127
43 حديث عبد الله بن زمعة 129
44 حديث عبد الله بن عباس 130
45 حديث عبد الله بن مسعود 131
46 حديث بريدة الأسلمي 132
47 حديث سالم بن عبيد 132
48 حديث أنس بن مالك 134
49 حديث عائشة 135
50 حديث عائشة عن الأسود 136
51 حديث عائشة عن مسروق بن الأجدع 139
52 هل صلى أبو بكر بالناس؟! 142
53 الباب الثاني: إجماع الصحابة على أبي بكر الصديق رضي الله عنه 145
54 دلالة الحديث على صلاة أبي بكر 152
55 الباب الثالث: الشورى 171
56 السقيفة والشورى المزعومة 173
57 ترك الامر للناس والشورى 177
58 (الفصل الرابع: أولو الامر هم أهل البيت عليهم السلام) الاستخلاف واجب على النبي صلى الله عليه وآله 182
59 من هم أولو الامر 187
60 نظر الإمام الرازي 189
61 نظر ابن جرير الطبري 198
62 أولو الامر هم أهل البيت عليهم السلام 204
63 ما هي العصمة؟ 210
64 أهل بيت النبي معصومون 212
65 دلالة آية التطهير على العترة من خلال العصمة 212
66 دلالة حديث الثقلين على عصمة العترة 216
67 دلالة " حديث السفينة " على عصمة العترة 223
68 خلاصة البحث 228
69 من هم أهل البيت؟ 229
70 (الفصل الخامس: الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله علي عليه السلام) خلافة علي عليه السلام في آية الولاية 238
71 علي عليه السلام ولي كل مؤمن بعد النبي صلى الله عليه وآله 243
72 خلافة علي عليه السلام في حديث الدار والانذار 248
73 خلافة علي عليه السلام في حديث الثقلين 251
74 عمر بن الخطاب يقول الحق!! 254