الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧٥
السابق
ومن هنا تبين كيف أن الفائدة عمت عند ذكر الحوار، وأن محمدا لم يخرج مستحيا كما تخيله ابن خلدون، وإنما عنفه وضربه وأخلى بذلك الطريق للثوار كي يشرعوا في قتله، ولا أدل على ذلك مما ذكرنا من شكوى بنت الفرافصة ما فعل محمد بن أبي بكر، عندما سألها علي (ع) كما تقدم، ولو كان استحيا وخرج كما زعم، لما شكت الكلبية، ولكانت من الشاكرين له. ولما كانوا انتقموا منه شر انتقام حين ظفروا به وأحرقوه انتقاما ليوم الدار، ولقاء ما صدر عنه من عنف في قتل عثمان. ولقد ذكر ابن خلدون في مورد آخر، وفي لحظة تبرير جديد إن ابن حديج كان قد منع محمد ابن أبي بكر الماء جزاء بما فعل بعثمان، ثم أحرقه في جوف حمار.
أفلا يدل ذلك على أن موقف محمد العنيف من عثمان، كان مما اشتهر به في زمانه!.
لقد امتنع ابن خلدون عن نقل تفاصيل الحوار الذي دار بين الاثنين، حتى يتسنى له القول:
" ثم استحيا وخرج ".
ويبقى أن نطرح سؤالا على ابن خلدون عن موقع وموقف عائشة من مقتل عثمان.
ابن خلدون، لم يذكرها بشئ. وقصارى ما جادت به قريحته في هذا المجال قوله: ثم خرجت عائشة إلى الحج ودعت أخاها فأبى فقال له حنظلة الكاتب:
تدعوك أم المؤمنين فلا تتبعها، وتتبع سفهاء العرب فيما لا يحل؟ ولو قد صار الأمر إلى الغلبة غلبك عليه بنو عبد مناف " (95).
وفي مورد آخر قال: وكان سبب اجتماعهم بمكة أن عائشة كانت خرجت إلى مكة وعثمان محصور كما قدمناه، فقضت نسكها وانقلبت تريد المدينة، فلقيت في طريقها رجلا من بني ليث أخوالها، فأخبرها بقتل عثمان وبيعة علي فقالت: قتل عثمان والله ظلما ولأطلبن بدمه فقال لها الرجل ولم أنت كنت تقولين ما قلت؟

(95) تاريخ ابن خلدون ص 574 ج 2.
(١٧٥)
التالي
الاولى ١
٢٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 4
2 مدخل 13
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 13
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 22
5 نتيجة المدخل 31
6 النفاق والنهاية المفتعلة 39
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 49
8 أهل البيت والأعلمية 64
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 75
10 السقيفة والمعارضة 79
11 الخلفاء ما داموا صحابة 84
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 90
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 105
14 لماذا ابن خلدون؟ 109
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 114
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 116
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 123
18 صلاة أبي بكر 127
19 خبر السقيفة 135
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 140
21 خلافة عمر 145
22 عثمان والفتنة 152
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 172
24 كربلاء.. نموذجا آخر 177
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 188
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 200
27 العبقرية 202
28 الذاكرة أساس الشخصية 205
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 215
30 عثمان بن عفان 221
31 غاية الكلام في الثالثة 224
32 خاتمة 225