الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٢٩
السابق
الوصي على لسانه.
وإذا أردنا الإطناب في تلك الرزية، فلنذكر ما جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد وغيره، حول ما جرى بين عمر وابن عباس، عندما انتهى عمر إلى القول:
" لقد كان من رسول الله (ص) في أمره ذرو من قول (أي في أمر علي (ع)) لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك، إشفاقا وحيطة على الإسلام، لا، ورب هذه البنية، لا تجتمع عليه قريش أبدا، ولو وليها لانتفضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم " (21).
وهذا يعني أن الرسول (ص) سكت لما علم موقف عمر من علي (ع) وإنه رافض لخلافته ومنازعه إياها. وهذا الكلام كله الذي جرى في حضرة الرسول (ص) لم يورده بن خلدون مخافة على فاروقه من تقريع التاريخ. ومخافة على مذهبه من الافلاس.
ولعمري، إن الفضيحة هذه المرة ظهرت على لسان ابن خلدون. وتجبره على النطق بما يشوه تدبير المحرفين. قال: " وأوصي بثلاث: أن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأن يجيزوا الوفد كما كان يجيزهم، وسكت عن الثالثة أو نسيها الراوي.
هذه العبارة تستبطن أمرا خطيرا، سكت عنه الرسول (ص) كما ذكر ابن خلدون. ولكن الأمر يختلف عما دبره. فالراوي هو الذي نسيها. وابن خلدون لم يذكر الراوي ولا خلفية النسيان والسكوت. ابن خلدون الذي نعى على المؤرخين السابقين تقليدهم في نقل الأخبار.
هاهو لم يستخدم ملكته في تحليل أحوال العمران. في اكتشاف الأيدي التي عبثت بهذا الخبر. والعقول التي أسرفت في تحريف معناه. والخبر كما ذكره البخاري في كتاب الجهاد والسيرة من صحيحه هو. قال: ونسيت الثالثة.

(21) قلت: ومن إمساك الرسول أن غضب وأخرجهم عنه.
(١٢٩)
التالي
الاولى ١
٢٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 4
2 مدخل 13
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 13
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 22
5 نتيجة المدخل 31
6 النفاق والنهاية المفتعلة 39
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 49
8 أهل البيت والأعلمية 64
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 75
10 السقيفة والمعارضة 79
11 الخلفاء ما داموا صحابة 84
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 90
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 105
14 لماذا ابن خلدون؟ 109
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 114
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 116
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 123
18 صلاة أبي بكر 127
19 خبر السقيفة 135
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 140
21 خلافة عمر 145
22 عثمان والفتنة 152
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 172
24 كربلاء.. نموذجا آخر 177
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 188
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 200
27 العبقرية 202
28 الذاكرة أساس الشخصية 205
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 215
30 عثمان بن عفان 221
31 غاية الكلام في الثالثة 224
32 خاتمة 225