الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧٣
السابق
أكبر، صدق رسول الله (ص) قد أخبرني بكل ما أنا لاق، قال عثمان: وما قال لك؟ قال: أخبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة، ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز، وبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته، وقيل: ابنتيه، وأمر عثمان أن يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة. ".
إن إخراج أبي ذر إلى الربذة من قبل عثمان وتضايق التيار الأموي به، هو من المشهورات في التاريخ الإسلامي، ولو كان اختيارا منه الخروج إلى الربذة، إذن لما أغلظ عثمان على من شيعه في الطريق بأشد مما تكون الغلظة. ولما حدث بينه والإمام علي (ع) في شأنه من تلك المشادات.
كان ابن خلدون يحاول من وراء ذلك تبرئة عثمان وتخطئة معارضيه مرة متهما إياهم بالسفه ومرة بقلة العلم وأخرى بسوء الفهم، وينسى إنه كم مرة اعترف هو نفسه بمفاسد عثمان من حيث لا يشعر وعرض ما يؤكد ذلك الوضع السئ وتلك الصورة البشعة التي كانت عليها خلافة عثمان. (92).
قال ابن خلدون:
" وقيل: إن عليا لما رجع عن المصريين أشار على عثمان أن يسمع الناس ما اعتزم عليه من النزوع قبل أن يجئ غيرهم ففعل وخطب بذلك، وأعطى الناس من نفسه التوبة وقال: أنا أول من اتعظ، استغفر الله مما فعلت وأتوب إليه، فليأت أشرافكم يروني رأيهم، فوالله إن ردني الحق عبد لأستن بسنة العبد ولأذلن ذل العبد، وماعن الله مذهب إلا إليه فوالله لأعطينكم الرضى ولا أحتجب عنكم. ثم بكى وبكى الناس ودخل منزله ".
إذن، فابن خلدون يذكر أن عثمان اعترف بالذنب، وأنه استغفر الله وتاب و أعطى للناس من نفسه التوبة " ونقول لابن خلدون على من تكون هذه التوبة إن كان معارضوه ممن يجب في حقهم التوبة والاستغفار. وعلى من استغفر عثمان، وبما اتعظ. أو لا يدل ذلك على أنه أتى من كبائر الإثم والذنوب ما أمسى ظاهرا للجميع. فكيف يبرئ بن خلدون من اعترف بالذنب وأقر بالخطيئة.

(١٧٣)
التالي
الاولى ١
٢٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 4
2 مدخل 13
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 13
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 22
5 نتيجة المدخل 31
6 النفاق والنهاية المفتعلة 39
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 49
8 أهل البيت والأعلمية 64
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 75
10 السقيفة والمعارضة 79
11 الخلفاء ما داموا صحابة 84
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 90
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 105
14 لماذا ابن خلدون؟ 109
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 114
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 116
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 123
18 صلاة أبي بكر 127
19 خبر السقيفة 135
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 140
21 خلافة عمر 145
22 عثمان والفتنة 152
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 172
24 كربلاء.. نموذجا آخر 177
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 188
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 200
27 العبقرية 202
28 الذاكرة أساس الشخصية 205
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 215
30 عثمان بن عفان 221
31 غاية الكلام في الثالثة 224
32 خاتمة 225