الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٢
السابق
نشوءها وتطورها، يتولى توضيحها علماء نزيهون يمثلون مختلف المدارس والمذاهب الإسلامية، غير أن الواقع ظل دائما يجري بعكس الاتجاه المطلوب، الإمام الصادق (ع) مثلا، هو ذلك العملاق الكبير الذي على يده تخرج كبار الفقه الإسلامي، نراه يقبر في ذاكرة النسيان، في حين هناك بعض الأصوات المختنقة بتعسفها، تحاول عبثا إنقاذ بعض المذاهب من تحت الرميم، وتعيد بناء الطلل المنسي.
فمتى ما لم يتنازل الطرف الآخر عن موقفه الصارم الذي لا يتسع لرأي الآخر، فإن المشكلة ستبقى عالقة إلى الأبد. حتى ولو طال المزمار بطلب الوحدة، إن الرافضي ظلت ولا زالت هي عنوان كل معتصم بولاية الأئمة الطاهرين من أهل البيت، وكان التشيع ولا يزال تهمة مسقطة للسمعة. ففي الماضي المتخلف كانت تهمة التشيع تعني الجريمة التي لا حد فيها غير الإعدام في دولة خلفاء بني أمية والعباس. وعلي تهمة تتلف عدالة الراوي عند المحدثين، ومن هنا كان بينهم والتعرض للإمام النسائي أن ينسبوا له التشيع عندما كتب في خصائص الإمام علي (ع) فنال بها ما شاء له الخلفاء من الشتم والضرب كما أن الشافعي الذي يعد أحد أئمة المذاهب الأربعة كان ممن أتهم بالتشيع لأهل البيت (ع) وكان البخاري يرفض الرواية عنه، ولم يخرج أحاديثه كما ذكر الرازي في مناقبه، وكذلك الطبري المؤرخ الكبير وصاحب أول تفسير جامع عند العامة، لم ينج من هذه التهمة التي رجم من أجلها، في حين لا يجد المحدثين حرجا في أن يخرجوا أحاديث لمن عرف بالنصب لأهل البيت. فقد أخرج البخاري لعمر ابن حطان، وهو خارجي، كما أخرج النسائي لعمر بن سعد قاتل الحسين. إن هذه التهمة أصبحت معنية في حد ذاتها. أن يكون المرء شيعيا كاف لإخراجه من الملة أو الآدمية في عصور الظلام.
وساعد في ذلك بلاغات العرب في تشويه صورة أعدائهم أو أقلياتهم، ولعل الكثير ممن يجهل مغزى هذه التهمة كان ينخرط بسهولة في هذه الجوقة الناصبية، وذلك من باب حشر مع الناس عيد. فكثير من أهل الشام ظلوا يلعنون عليا (ع) في المنابر، ولم يعرفوه عن قرب، حتى إذا جاء الشامي إلى الكوفة ويسأل عن علي (ع) فيقال له إنه بالمسجد، يأخذه العجب، ويدهشه الأمر، معربا عن حالته
(١٢)
التالي
الاولى ١
٢٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 4
2 مدخل 13
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 13
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 22
5 نتيجة المدخل 31
6 النفاق والنهاية المفتعلة 39
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 49
8 أهل البيت والأعلمية 64
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 75
10 السقيفة والمعارضة 79
11 الخلفاء ما داموا صحابة 84
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 90
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 105
14 لماذا ابن خلدون؟ 109
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 114
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 116
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 123
18 صلاة أبي بكر 127
19 خبر السقيفة 135
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 140
21 خلافة عمر 145
22 عثمان والفتنة 152
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 172
24 كربلاء.. نموذجا آخر 177
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 188
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 200
27 العبقرية 202
28 الذاكرة أساس الشخصية 205
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 215
30 عثمان بن عفان 221
31 غاية الكلام في الثالثة 224
32 خاتمة 225