الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٠٧
السابق
إنهم رأوا كيف أن عليا (ع) كان على اتصال بالثوار وأن قيادات الثورة وطلائعها كانوا من خلص أصحابه، والساعد الأيمن له بعد بيعته وأنه حريص على تبرئتهم والدفاع عنهم وكان علي (ع) قد دخل على نافلة بنت الفرافصة زوجة عثمان قال لها: من قتله وأنت كنت معه؟ قالت: دخل إليه رجلان وقصت خبر محمد بن أبي بكر، فلم ينكر ما قالت، وقال:
والله لقد دخلت عليه وإني أريد قتله، فلما خاطبني بما قال خرجت، ولا أعلم بتخلف الرجلين عني، والله ما كان لي في قتله سبب ولقد قتل وأنا لا أعلم بقتله (100).
نعم.. هذا هو منطق الإمام علي (ع) منطق الثورية وأسلوب التقية فهو قتله ولم يقتله. قتله لما ذكر استحقاقه للموت والهم بقتله ولكنه ما كان له سبب في قتله تلك الليلة ولا علم بقتل عثمان وكيفية ذلك. إنها عين التقية التي مارسها الأنبياء. وأشبه ما تكون بموقف إبراهيم (ع) في رد المشركين إلى كبير الأصنام.
وعدم اعترافه بهدمها. إنها تقية واجبه في هذا المقام. على أنبياء الله كما على أولياءه. بيد أن الإمام علي (ع) لم يستطع أن يتقي كل من حوله ممن رأى خلفية الثورة، وهؤلاء بلا شك كانوا أصحاب أطماع وأهواء أخرى، حاولوا تحقيقها من خلال طلب الثأر لعثمان. غير أن الشعار كان حقيقيا، إذ كثيرا ما أريد بكلمة الحق باطلا. فعلي (ع) هو قاتل عثمان. لما كان هذا الأخير مغتصبا. وكان الواجب يفرض على علي (ع) إزاحة الباطل. فمن أهدى من علي (ع) ومن أحرص منه على إزاحة الباطل!.
وللإمام علي (ع) خطبة حول المقتل يحسن بالمتدبر في ثناياها أن يعي حقائقها.
قال (ع): " لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا. غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه، ومن خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني: وأنا جامع لكم أمره، استأثر فأساء الأثرة وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (101) ".

(100) مروج الذهب / المسعودي.
(101) نهج البلاغة.
(١٠٧)
التالي
الاولى ١
٢٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 4
2 مدخل 13
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 13
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 22
5 نتيجة المدخل 31
6 النفاق والنهاية المفتعلة 39
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 49
8 أهل البيت والأعلمية 64
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 75
10 السقيفة والمعارضة 79
11 الخلفاء ما داموا صحابة 84
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 90
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 105
14 لماذا ابن خلدون؟ 109
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 114
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 116
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 123
18 صلاة أبي بكر 127
19 خبر السقيفة 135
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 140
21 خلافة عمر 145
22 عثمان والفتنة 152
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 172
24 كربلاء.. نموذجا آخر 177
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 188
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 200
27 العبقرية 202
28 الذاكرة أساس الشخصية 205
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 215
30 عثمان بن عفان 221
31 غاية الكلام في الثالثة 224
32 خاتمة 225