الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٦٩
السابق
الرابع عشر: سلامة الحواس والأطراف، فلا يكون أعمى، ولا أصم، ولا أشل، ولا أعرج، ولا على صفة تعجزه عن أمر تدبير أمور المسلمين، إلا الأمر اليسير، الذي لا يمنع القيام بأمور الأمانة (1).
وأما إمام الحرمين - أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني (2) (419 - 478 ه‍ / 1028 - 1085 م)، فيقول: فمنها النسب، فالشرط أن الإمام قرشي، ولم يخالف في اشتراط النسب غير ضرار بن عمرو، وليس ممن يعتبر خلافه ووفاته، وقد نقل الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الأئمة من قريش وذكر بعض الأئمة أن هذا الحديث في حكم المستفيض، المقطوع بثبوته، من حيث أن الأمة تقبلته بالقبول.
ثم يقول الجويني: وهذا مسلك لا أؤثره، فإن نقلة هذا الحديث معدودون، لا يبلغون مبلغ عدد التواتر، والذي يوضح الحق في ذلك، أننا لا نجد من أنفسنا ثلج الصدور، واليقين المبتوت، بصدر هذا من فلق في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لا نجد ذلك في سائر أخبار الآحاد فإذا لا يقتضي هذا الحديث العلم باشتراط النسب في الإمامة.
والوجه في إثبات ما نحاوله في ذلك: أن الماضين ما زالوا بايحين باختصاص هذا المنصب بقريش، ولم يتشوق قط أحد من غير قريش إلى الإمامة على تمادي الآماد، وتطاول الأزمان، مع العلم بأن ذلك لو كان ممكنا " لطلبه ذوو النجدة والبأس (3).

(1) أحمد صبحي: المذهب الزيدي - الإسكندرية 1981 ص 43 - 45.
(2) أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني: الغياثي - غياث الأمم في التياث الظلم - تحقيق عبد العظيم الدين - الدوحة - قطر - 1400 ه‍ ص 76 - 82.
(3) كان شرط النسب القرشي مرعيا " كل الرعاية في سائر أحوال الدولة الإسلامية، والخلافة لم يتطلبها غير القرشيين قط، ومع كل ما انتاب الخلفاء في أواخر الدولة العباسية من الضعف، واستبداد الأمراء فيهم، حتى جردوهم من كل قوة دنيوية، وأنشأوا الدول دونهم، ولقبوا أنفسهم بالسلاطين، رغم ذلك كله، لم يخطر ببال أحد منهم أن يدعي الخلافة أو أن ينصب نفسه خليفة. وهكذا نرى دول بني بويه والسلاجقة والغزنوية والطاهرية والأيوبية وغيرهم قد استقلوا في دولهم، بل منهم من غلب على الخلفاء، ولكنهم لم يتطاولوا إلى أكثر من لقب السلطان، بل كانوا يتزلفون إلى الخلفاء ليثبتوهم في الحكم، وكذلك فعل صلاح الدين الأيوبي في مصر، فقد استولى على الحكم بعد آخر خليفة فاطمي، وعندما أراد أن يستقل بمصر، دعا على المنابر للخليفة العباسي، ولم يسم نفسه خليفة، وإنما لقب بالسلطان.
وأول من تولى الخلافة الإسلامية من غير قريش السلطان سليم الفاتح العثماني عام 922 ه‍ (1517 م) بعد أن تنازل له الخليفة محمد المتوكل على الله الثالث عن الخلافة، وبذلك جعل سليم الأول (1467 - 1521 م)، سلطان تركيا (1512 - 21521 م) نفسه خليفة للمسلمين، وورث خلفاؤه من آل عثمان هذا اللقب.
هذا ويحتج الأئمة الحنفية في صحة خلافة بني عثمان (922 - 21342 ه‍ / 1517 - 1924 م) أن الخليفة يتولى الخلافة بخمسة حقوق (حق السيف - حق الانتخاب - حق الوصاية - حماية الحرمين - الاحتفاظ بالأمانات - وهي المخلفات النبوية الشريفة، المحفوظة في الأستانة (أنظر:
جرجي زيدان تاريخ التمدن الإسلامي 1 / 121 - 122 - مكتبة الحياة - بيروت).
(٦٩)
التالي
الاولى ١
٤٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 10
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 14
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 15
5 الباب الأول 25
6 أولا ": الإمامة 25
7 ثانيا ": حكم الإمامة 28
8 ثالثا ": اختيار الإمام 48
9 رابعا ": شروط الإمام 60
10 خامسا ": عقد الإمامة 74
11 1 - الطريق الأول: البيعة 86
12 2 - الطريق الثاني: العهد 90
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 94
14 سادسا ": طاعة الإمام 95
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 116
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 122
17 1 - الخليفة 124
18 2 - أمير المؤمنين 126
19 3 - الإمام 129
20 4 - الملك 130
21 تاسعا ": إمامة المفضول 149
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 166
23 1 - العصمة: 184
24 2 - التقية: 205
25 1 - التقية في القرآن 206
26 2 - التقية في السنة 211
27 3 - التقية في الدليل العقلي 221
28 4 - التقية عند الخوارج 227
29 5 - التقية عند الشيعة 230
30 6 - التقية عند أهل السنة 239
31 3 - الرجعة 246
32 4 - المهدي 248
33 5 - البداء 261
34 6 - الجفر 263
35 7 - مصحف فاطمة 266
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 273
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 273
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 278
39 1 - عمار بن ياسر 286
40 2 - أبو ذر الغفاري 296
41 3 - سلمان الفارسي 312
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 333
43 1 - وجهة نظر الأنصار 333
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 334
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 335
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 354
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 371
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 382
49 سادسا ": منذ التحكيم 389
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 400
51 2 - أصل التشيع 410
52 3 - أسباب التشيع 426
53 المراجع المختارة 429
54 أولا ": المراجع العربية 429
55 كتب التفسير 432
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 457
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 458