الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
السابق
وهكذا قام هؤلاء الأصحاب بدور رئيسي - مع غيرهم من محبي الإمام علي - في بث التشيع على أيام الخلفاء الثلاثة - أبي بكر وعمر وعثمان - وغرس جذوره وبذوره في كل أرض وطأتها أقدامهم، دعوا إلى التشيع على صعيد القرآن والحديث، وبذكاء ومرونة وطول أناة، وكانوا محل التعظيم والثقة عند الناس لمكانتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا تجاوبت معهم عقول الكثيرين وقلوبهم، وكان لأقوالهم أثرها البالغ، ونتائجها البعيدة، ورغم أن بعضهم تعرض للشتم والتشريد والضرب - كأبي ذر وعمار - فقد استمروا في بث الدعوة بصبر وشجاعة (1).
هذا ويذهب الشيخ أبو زهرة إلى أن نشأة الشيعة إنما كانت ابتداء في مصر، وكان ذلك على أيام عثمان، إذ وجد الدعاة فيها أرضا " خصبة، ثم عمت بعد ذلك أرض العراق (2).
وفي أعيان الشيعة: أن عثمان أرسل رجلا " يتحرون العمال، ومنهم عمار بن ياسر، الذي أرسله إلى مصر، فعاد هؤلاء الرجال يمتدحون الولاة، إلا عمارا "، استبطأه الناس، حتى ظنوا أنه اغتيل، فلم يفاجئهم إلا كتاب من عبد الله بن أبي السرح (3) - والي مصر - يخبرهم أن عمارا " قد استمال القوم

(١) نفس المرجع السابق ص ٢٨.
(٢) محمد أبو زهرة: الإمام زيد ص ١٠٧.
(٣) عبد الله بن سعد بن أبي سرح، من قريش الظواهر، وليس من قريش البطاح، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، أرضعته أم عثمان، أسلم قبل الفتح، وهاجر إلى المدينة، وكتب الوحي لرسول الله، ثم ارتد مشركا "، وعاد إلى مكة يحدث قريشا " الكذب على رسول الله، ويقول: كنت أصرف محمدا " حيث أريد، كان يملي علي عزيز حكيم فأقول أو عليم حكيم، فيقول: نعم كل صواب، فافتتن وقال: ما يدري محمد ما يقول: إني لأكتب ما شئت، هذا الذي يوحي إلي، كما يوحي إلى محمد، ثم خرج هاربا " إلى مكة مرتدا "، وفيه نزلت آية الأنعام (٩٣)، وفي فتح مكة أهدر النبي دمه فقال: من أخذ ابن أبي سرح فليضرب عنقه حيثما وجده، وإن كان متعلقا " بأستار الكعبة فاختبأ عند عثمان الذي جاء به وطلب من النبي مبايعته، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم قال لأصحابه: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله، قالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك، قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون خائنة الأعين وفي عهد عثمان عين واليا " على مصر عام ٢٥ ه‍، بدلا " من عمرو بن العاص الذي بدا يطعن في عثمان بسبب عزله، ومات عبد الله عام ٣٦ ه‍ أو ٣٧، وقيل بقي إلى أيام معاوية فمات عام ٥٩ ه‍، (أنظر: أسد الغابة ٢ / ٢٥٩ - ٢٦١، ابن كثير: السيرة النبوية ٣ / ٥٦٥ - ٥٦٦، سيرة ابن هشام ٤ / ٣١١ - ٣١٢، تفسير الطبري ١١ / ٥٣٣ - ٥٣٥، تفسير القرطبي ص ٢٤٧٥ - ٢٤٧٧، تفسير النسفي ٢ / ٢٣، تفسير الظلال ٦ / ١١٤٩، الإصابة ٢ / ٣١٦ - ٣١٨، الإستيعاب ٢ / ٣٧٥ - ٣٧٨، مهران السيرة النبوية الشريفة ٢ / ٣٩٧ - ٣٩٨، السيرة الحلبية ٣ / 36 - 37).
(٣٥٤)
التالي
الاولى ١
٤٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 10
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 14
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 15
5 الباب الأول 25
6 أولا ": الإمامة 25
7 ثانيا ": حكم الإمامة 28
8 ثالثا ": اختيار الإمام 48
9 رابعا ": شروط الإمام 60
10 خامسا ": عقد الإمامة 74
11 1 - الطريق الأول: البيعة 86
12 2 - الطريق الثاني: العهد 90
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 94
14 سادسا ": طاعة الإمام 95
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 116
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 122
17 1 - الخليفة 124
18 2 - أمير المؤمنين 126
19 3 - الإمام 129
20 4 - الملك 130
21 تاسعا ": إمامة المفضول 149
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 166
23 1 - العصمة: 184
24 2 - التقية: 205
25 1 - التقية في القرآن 206
26 2 - التقية في السنة 211
27 3 - التقية في الدليل العقلي 221
28 4 - التقية عند الخوارج 227
29 5 - التقية عند الشيعة 230
30 6 - التقية عند أهل السنة 239
31 3 - الرجعة 246
32 4 - المهدي 248
33 5 - البداء 261
34 6 - الجفر 263
35 7 - مصحف فاطمة 266
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 273
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 273
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 278
39 1 - عمار بن ياسر 286
40 2 - أبو ذر الغفاري 296
41 3 - سلمان الفارسي 312
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 333
43 1 - وجهة نظر الأنصار 333
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 334
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 335
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 354
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 371
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 382
49 سادسا ": منذ التحكيم 389
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 400
51 2 - أصل التشيع 410
52 3 - أسباب التشيع 426
53 المراجع المختارة 429
54 أولا ": المراجع العربية 429
55 كتب التفسير 432
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 457
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 458