الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٢٢٨
السابق
ومن عجب أن هؤلاء الأعراب والطلقاء والرؤساء الذين تزاحموا على الغنائم واستأثروا بالكثير منها، لم يغنوا عن الإسلام شيئا " في مآزقه الأولى، بل كانوا هم العقبات الصلدة التي اعترضت مسيله، حتى تحطمت تحت معاول المؤمنين الراغبين في ثواب الآخرة، المؤثرين ما عند الله، ولكنهم اليوم - بعدما أعلنوا إسلامهم - يبغون من النبي أن يفتح لهم خزائن الدنيا، فحلف لهم أنه ما يستبقي منها شيئا " لشخصه، ولو امتلك ملء هذه الأودية مالا "، لوزعه عليهم.
ومن عجب أيضا " - بل هو أكثر عجبا " - أن الذين فروا عند الفزع، هم الذين كثروا عند الطمع، وأعجب العجب أن أبا سفيان بن حرب، كان أول من تقدم يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يعطيه من الفئ، وهو نفسه الذي كان يصيح فرحا "، عندما كانت الهزيمة - في أول المعركة - تطل بوجهها القبيح على جيش المسلمين، والأزلام التي كان يستقسم بها في الجاهلية، ما تزال في كنانته، يصيح لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وعندما تكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة من الإبل، وبأربعين أوقية من فضة، لم يشبع ذلك نهمه، وإنما طلب لابنه يزيد مثلها، وحين أجيب إلى سؤله طلب مثلها لابنه الآخر معاوية، وهكذا أخذ أبو سفيان وولداه يومئذ ثلاثمائة من الإبل، ومائة وعشرين أوقية من الفضة.
وهكذا فإن هناك أقواما " كثيرين، يقادون - كما يقول الأستاذ الغزالي - إلى الحق، من بطونهم، لا من عقولهم، فكما تهدى الدواب إلى طريقها بحزمة برسيم، تظل تمد إليها فمها، حتى تدخل حظيرتها آمنة، فكذلك هذه الأصناف من البشر، تحتاج إلى فنون من الإغراء، حتى تستأنس بالإيمان، وتهش له.
روى مسلم في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته قال: مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء.
(٢٢٨)
التالي
الاولى ١
٤٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 10
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 14
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 15
5 الباب الأول 25
6 أولا ": الإمامة 25
7 ثانيا ": حكم الإمامة 28
8 ثالثا ": اختيار الإمام 48
9 رابعا ": شروط الإمام 60
10 خامسا ": عقد الإمامة 74
11 1 - الطريق الأول: البيعة 86
12 2 - الطريق الثاني: العهد 90
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 94
14 سادسا ": طاعة الإمام 95
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 116
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 122
17 1 - الخليفة 124
18 2 - أمير المؤمنين 126
19 3 - الإمام 129
20 4 - الملك 130
21 تاسعا ": إمامة المفضول 149
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 166
23 1 - العصمة: 184
24 2 - التقية: 205
25 1 - التقية في القرآن 206
26 2 - التقية في السنة 211
27 3 - التقية في الدليل العقلي 221
28 4 - التقية عند الخوارج 227
29 5 - التقية عند الشيعة 230
30 6 - التقية عند أهل السنة 239
31 3 - الرجعة 246
32 4 - المهدي 248
33 5 - البداء 261
34 6 - الجفر 263
35 7 - مصحف فاطمة 266
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 273
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 273
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 278
39 1 - عمار بن ياسر 286
40 2 - أبو ذر الغفاري 296
41 3 - سلمان الفارسي 312
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 333
43 1 - وجهة نظر الأنصار 333
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 334
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 335
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 354
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 371
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 382
49 سادسا ": منذ التحكيم 389
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 400
51 2 - أصل التشيع 410
52 3 - أسباب التشيع 426
53 المراجع المختارة 429
54 أولا ": المراجع العربية 429
55 كتب التفسير 432
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 457
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 458