الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
السابق
وقد قدم لنا العلامة المفسر القرطبي معظم آراء العلماء في تفسير الآية الكريمة، وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر في قول أهل التفسير، لأنه قارب بعض ما ندبوه إليه، قال ابن عباس: أخذه المشركون، وأخذوا أباه وأمه سمية، وبلالا " وخبابا " وسالما " فعذبوهم، و ربطت سمية بين بعيرين، ووجئ قبلها بحربة، وقيل لها: إنك أسلمت من أجل الرجال، فقتلت وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين (شهيدين) في الإسلام، وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها "، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجد قلبك؟، قال: مطمئن بالإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن عادوا فعد.
وروى الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير عمار بين أمرين، إلا اختار أرشدهما، وفي هذا دليل على أن التقية التي اختارها عمار كانت أرشد هنا.
ويقول القرطبي: لما سمح الله عز وجل بالكفر به - وهو أصل الشريعة - عند الإكراه، ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا وقع الإكراه عليها، لم يؤاخذ به، ولم يترتب عليه حكم، وبه جاء الأثر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
هذا وقد أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر، حتى خشي على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه، إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر، وهذا ما قال به مالك والكوفيون والشافعي - غير محمد بن الحسن (1) - بدليل قول الله تعالى: * (إلا من أكره) * وقوله تعالى: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * (2)، وقوله تعالى: * (إلا المستضعفين من

(١) تفسير القرطبي ص ٣٧٩٦ - ٣٧٩٨.
(٢) سورة آل عمران: آية ٢٨، وانظر: تفسير الطبري ٦ / ٣١٣ - ٣١٧، تفسير ابن كثير ١ / ٥٣٥، تفسير النسفي ١ / 152 - 153، تفسير الزمخشري 1 / 140، تفسير القرطبي ص 1299 - 1300، تفسير المنار 3 / 227 - 233، أحمد أمين: فجر الإسلام ص 274، ضحى الإسلام 3 / 246 - 247.
(٢٠٩)
التالي
الاولى ١
٤٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 10
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 14
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 15
5 الباب الأول 25
6 أولا ": الإمامة 25
7 ثانيا ": حكم الإمامة 28
8 ثالثا ": اختيار الإمام 48
9 رابعا ": شروط الإمام 60
10 خامسا ": عقد الإمامة 74
11 1 - الطريق الأول: البيعة 86
12 2 - الطريق الثاني: العهد 90
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 94
14 سادسا ": طاعة الإمام 95
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 116
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 122
17 1 - الخليفة 124
18 2 - أمير المؤمنين 126
19 3 - الإمام 129
20 4 - الملك 130
21 تاسعا ": إمامة المفضول 149
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 166
23 1 - العصمة: 184
24 2 - التقية: 205
25 1 - التقية في القرآن 206
26 2 - التقية في السنة 211
27 3 - التقية في الدليل العقلي 221
28 4 - التقية عند الخوارج 227
29 5 - التقية عند الشيعة 230
30 6 - التقية عند أهل السنة 239
31 3 - الرجعة 246
32 4 - المهدي 248
33 5 - البداء 261
34 6 - الجفر 263
35 7 - مصحف فاطمة 266
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 273
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 273
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 278
39 1 - عمار بن ياسر 286
40 2 - أبو ذر الغفاري 296
41 3 - سلمان الفارسي 312
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 333
43 1 - وجهة نظر الأنصار 333
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 334
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 335
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 354
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 371
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 382
49 سادسا ": منذ التحكيم 389
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 400
51 2 - أصل التشيع 410
52 3 - أسباب التشيع 426
53 المراجع المختارة 429
54 أولا ": المراجع العربية 429
55 كتب التفسير 432
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 457
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 458