عقيدة المسلمين في المهدي عليه السلام - مؤسسة نهج البلاغة - ج ١ - الصفحة ١٥٨
السابق
جميع أموره، ونستعينه على رعاية حقوقه، ونشهد أن لا إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بأمره صادعا وبذكره ناطقا، فأدى أمينا ومضى رشيدا، وخلف فينا راية الحق من تقدمها مرق ومن تخلف عنها زهق ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام بطئ القيام سريع إذا قام، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم، وأشرتم إليه بأصابعكم جاءه الموت فذهب به، فلبثتم بعده ما شاء الله حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم، فلا تطمعوا في غير مقبل ولا تيأسوا من مدبر، فإن المدبر عسى أن تزل به إحدى قائمتيه وتثبت الأخرى، فترجعا حتى تثبتا جميعا.
ألا إن مثل آل محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون (1).

(1) البحار: 51 / 120، منهاج البراعة: 7 / 156، شرح ابن ميثم: 3 / 6 خطبة (97)، وقال: وهذا الفصل يشتمل على إعلامهم بما يكون بعده من أمر الأئمة وتعليمهم ما ينبغي أن يفعل الناس معهم، ويمنيهم بظهور إمام من آل محمد عقيب آخر، ووعدهم بتكامل صنايع الله فيهم بما يأملونه من ظهور إمام منتظر ... إشارة إلى منة الله عليهم بظهور الامام المنتظر وإصلاح أحوالهم بوجوده، ووجدت له _ عليه السلام _ في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يكون بعده فصلا يجري مجرى الشرح لهذا الوعد، وهو أن قال: يا قوم اعلموا علما يقينا أن الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من أمر جاهليتكم، وذلك أن الأمة كلها يومئذ جاهلية إلا من رحم الله، فلا تعجلوا فيعجل الخرق بكم، واعلموا أن الرفق يمن، وفي الأناة بقاء وراحة والامام أعلم بما ينكر، ولعمري لينزعن عنكم قضاة السوء، وليقبضن عنكم المراضين (كذا) وليعزلن عنكم أمراء الجور، وليطهرن الأرض من كل غاش، وليعملن فيكم بالعدل، وليقومن فيكم بالقسطاس المستقيم، وليتمنأن (كذا) أحياؤكم لأمواتكم رجعة الكرة عما قليل فيعيشوا إذن فإن ذلك كائن، شرح ابن أبي الحديد: 7 / 84، وفي: 7 / 94:... ثم يطلع الله لهم من يجمعهم ويضمهم، يعني من أهل البيت _ عليه السلام _، وهذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت، وعند أصحابنا أنه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الإمامية أنه موجود الآن، قوله - عليه السلام -: فلا تطمعوا في غير مقبل، ولا تيأسوا من مدبر، ظاهر هذا الكلام متناقض، وتأويله أنه نهاهم عن أن يطمعوا في صلاح أمورهم على يد رئيس غير مستأنف الرياسة، وهو معنى مقبل أي قادم، تقول: سوف أفعل كذا في الشهر المقبل وفي السنة المقبلة، أي القادمة، يقول: كل الرئاسات التي تشاهدونها فلا تطمعوا في صلاح أموركم بشئ منها، وإنما تنصلح أموركم على يد رئيس يقدم عليكم، مستأنف الرئاسة خامل الذكر، ليس أبوه بخليفة، ولا كان هو ولا أبوه مشهورين بينكم برئاسة، بل يتبع ويعلو أمره، ولم يكن قبل معروفا هو ولا أهله الأدنون، وهذه صفة المهدي الموعود به. ومعنى قوله: ولا تيأسوا من مدبر، أي وإذا مات هذا المهدي وخلفه بنوه بعده، فاضطرب أمر أحدهم فلا تيأسوا وتشككوا، وتقولوا لعلنا أخطأنا في اتباع هؤلاء، فإن المضطرب الامر منا تستثبت دعائمه، وتنتظم أموره، وإذا زلت إحدى رجليه ثبتت الأخرى فثبتت الأولى أيضا. ويروى: فلا تطعنوا في عين مقبل أي لا تحاربوا أحدا منا ولا تيأسوا من إقبال من يدبر أمره منا، ثم ذكر _ عليه السلام _ أنهم كنجوم السماء، كلما خوى نجم طلع نجم. خوى:
مال للمغيب. ثم وعدهم بقرب الفرج فقال: أن تكامل صنائع الله عندكم، وروية ما تأملونه أمر قد قرب وقته، وكأنكم به وقد حضر وكان، وهذا على نمط المواعيد الإلهية بقيام الساعة فإن الكتب المنزلة كلها صرحت بقربها، وإن كانت بعيدة عندنا، لان البعيد في معلوم الله قريب، وقد قال سبحانه: (إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا).
وأنت - أيها القارى الكريم - حكم وجدانك فيما يقوله ابن أبي الحديد فرارا عن المعنى الواضح، فأمير المؤمنين _ عليه السلام _ تحدث عن مرحلة الانحراف في الأمة، وظهور العدل بقيام القائم، لا عن موت القائم وملك أولاده بعده وانحرافهم.
(١٥٨)
التالي
الاولى ١
٣١٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اهداء ودعاء 3
2 كلمة المؤسسة 4
3 أمير المؤمنين _ عليه السلام _ راوي السنة 10
4 كلمة حول موضوع الكتاب 11
5 * الباب الأول * الفصل الأول: اسم المهدي - عجل الله فرجه الشريف 14
6 الفصل الثاني: صفات المهدي وشمائله 18
7 الفصل الثالث: دعاء المهدي - عجل الله فرجه الشريف 27
8 الباب الثاني الفصل الأول: المهدي من قريش 30
9 الفصل الثاني: المهدي من بني هاشم 34
10 الباب الثالث الفصل الأول: المهدي _ عليه السلام _ من أهل البيت 38
11 الفصل الثاني: المهدي من ولد علي _ عليهم السلام _ 51
12 الفصل الثالث: المهدي من ولد فاطمة _ عليها السلام _ 71
13 الفصل الرابع: المهدي من ولد الحسين _ عليهم السلام _ 74
14 الفصل الخامس: المهدي - عليه السلام - من الأئمة الاثني عشر 86
15 الباب الرابع الفصل الأول: المهدي في القرآن 129
16 الباب الرابع الفصل الثاني: المهدي في نهج البلاغة 156
17 الفصل الثالث: المهدي شعر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ 164
18 الباب الخامس الفصل الأول: أنصار المهدي _ عليه السلام _ 168
19 الفصل الثاني: الرايات السود 180
20 الباب السادس الفصل الأول: السفياني 188
21 الفصل الثاني: الدجال 200
22 الباب السابع الفصل الأول: غيبة المهدي _ عليه السلام _ 208
23 الفصل الثاني: محن الشيعة عند الغيبة 219
24 الفصل الثالث: فضيلة انتظار الفرج 227
25 الباب الثامن الفصل الأول: الفتن قبل المهدي _ عليه السلام _ 235
26 الفصل الثاني: علائم الظهور 262
27 الفصل الثالث: علائم بعد الظهور 284
28 الفصل الرابع: دابة الأرض 290
29 الفصل الخامس: يأجوج ومأجوج 295
30 الباب التاسع الفصل الأول: فضل مسجد الكوفة 298
31 الفصل الثاني: خروج رجل من أهل بيته 303
32 الفصل الثالث: حكم الأرض عند ظهور القائم _ عليه السلام _ 306
33 الفصل الرابع: حكومة الامام المهدي _ عليه السلام _ 309
34 الفصل الخامس: ختم الدين 313