حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٦٠
السابق
" اعملوا فكل ميسر لما خلق له " (1) فقال: " إن الله - عز وجل - خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه، وذلك قوله - عز وجل -: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * (2) فيسر كلا لما خلق له. فالويل لمن استحب العمى على الهدى ".
فإن من علم الله أنه سيعمل عمل الأشقياء هو الذي ينتهي أمره إلى الشر وإلى النار وهو الذي تكون طينته من السجين والنطفة التي كانت مبدأه القابلي نطفة خبيثة صلبة كدرة، ولا ينافيان الاختيار والإرادة كما أشار إليه في ذيل الحديث الشريف [42].
[42] ومن مستمسكات القائل بالسعادة والشقاوة الذاتيتين رواية " الشقي من شقى... " إلى آخره، وفي تفسيرها بيانات من العلماء، وقد أعرب عن مغزاها سيدنا الأستاذ الإمام (قدس سره) تارة بأنها كناية عن اختلاف النفوس، وثانية بما يقاربها، وثالثة بخبر " توحيد " الصدوق (رحمه الله) في تفسيرها.
أقول: يمكن أن يبين الحديث الشريف بلسان آخر، وهو أن ما ينسب إلى الماضي والحال من الأمور إما أن يكون موجودا أو يكون معدوما، فالضرورة - الوجوب أو الامتناع - قد أخرجته من الإمكان وحاق الوسط إلى أحد الطرفين، فالباقي على الإمكان من الأمور ليس إلا المنسوب إلى الاستقبال، ولا يتعين الصدق والكذب في الإمكان الاستقبالي، فإن الواقع في الماضي والحال قد تعين طرف وقوعه ولا وقوعه ويكون الصادق والكاذب بحسب المطابقة وعدمها واقعين.
وأما الاستقبالي فهو المترقب في تعين أحد طرفيه من الوجود والعدم. وعلى هذا الإمكان والترقب يقوم الاختيار والسعي والحركات والرجاء والخوف وناموس التعليم والتزكية، إلى غيرها.
وهذا الأمر أيضا بالقياس إلى علومنا المحدودة الغير المحيطة بما في الآزال

١ - التوحيد: ٣٥٦ / ٣، مسند أحمد بن حنبل ٤: ٦٧، كنز العمال ١: ١١٠ / 513.
2 - الذاريات (51): 56.
(١٦٠)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159