حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٨٩
السابق
ولكن النسبتين محفوظتان، لأن ما يفاض من الحق هو الخيرات، ولازمة هذه الخيرات تخلل الشرور على سبيل الانجرار والتبعية، فتنسب إليه سبحانه بالعرض وإلى ذوات الأشياء بالذات.
كما أن القرآن الكريم أفصح عن هذين المعنيين بالنظرين، فبالنظر إلى غلبة سلطان الوحدة واضمحلال النقائص والكثرات قال: * (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله) * (النساء: 78).
وبالنظر إلى تخلل الكثرة ولحاظ الوسائط قال: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * (النساء: 79).
اعلم: أن المحققين من الفلاسفة قالوا: إن لفعل الله المطلق ليس غاية وغرض غ 0 ير ذاته المقدسة، لأن كل فاعل إذا كان له غاية غير ذاته فهو مستكمل بتلك الغاية، وذلك مستلزم للنقص، والواجب تعالى واجب من جميع الجهات، فحيث ليس له غاية في فعله المطلق غير ذاته فليس له فيه لمية ولا سؤال عن اللمية، فهو سبحانه وتعالى * (لا يسأل عما يفعل) *.
وأما سائر الموجودات في أفعالها فلها أغراض وغايات غير ذواتها، فعشاق جمال الحق والمقربون المجذوبون غايتهم في أفعالهم الوصول إلى باب الله والنيل إلى لقائه وغيرهم على حسب الكمال، والنقص ذو غرض زائد على الذات.
وبالجملة: أن الحق المتعالي كما هو الكمال المطلق برئ عن اللمية، كذا فعله المطلق برئ عن اللمية، بخلاف سائر الموجودات. وأيضا لما كانت ذاته المقدسة كاملة وجميلة على الإطلاق فهو كعبة آمال كل الموجودات، وليس له وراء ذاته قبلة وغاية، ف‍ * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * (الأنبياء: 23).
وأيضا لما كانت ذاته المقدسة في الغاية القصوى من الجمال والكمال فنظام دائرة الوجود الذي هو الظل لهذا الجمال المطلق لا بد وأن يكون في الغاية القصوى من الكمال
(٨٩)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159