حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٧٨
السابق
إرشاد: [في استناد الأفعال إلى الله] مع أن كل أثر من كل ذي أثر وفعل كل فاعل منسوب إليه وإليه تعالى كما عرفت، لكن خيراتها وحسناتها وكمالاتها وسعاداتها كلها من الله تعالى وهو تعالى أولى بها منه، وشرورها وسيئاتها ونقائصها وشقاواتها ترجع إلى نفسه وهو أولى بها منه تعالى، فإنه تعالى لما كان صرف الوجود يكون صرف كل كمال وجمال، وإلا يلزم عدم كونه صرفا، وهو يرجع إلى التركيب والإمكان. وأيضا يلزم أن يكون في التحقق أصلان: الوجود ومقابله، مع أن مقابله العدم والماهية، وحالهما معلومة.
فهو تعالى صرف الوجود وصرف كل الكما لات، والصادر من صرف الوجود لا يمكن أن يكون غير الوجود والكمال، والنقائص والشرور لوازم ذات المعاليل من غير تخلل جعل، لعدم إمكان تعلقه إلا بالوجود وهو نفس الكمال والسعادة والخير.
فالخيرات كلها مجعولات ومبدأ جعلها هو الحق تعالى، والشرور التي في دار الطبيعة المظلمة من تصادمات الماديات وضيق عالم الطبيعة وكلها ترجع إلى عدم وجود أو عدم كما ل وجود. والأعدام كلها غير متعلقة للجعل، بل المضافة منها من لوازم المجعول، وتضائق دار البوار، وتصادم المسجونين في سجن الطبيعة وسلاسل الزمان، فكلها ترجع إلى الممكن.
فما أصابك من حسنة وخير وسعادة وكمال فمن الله، وما أصابك من سيئة وشر ونقص وشقاء فمن نفسك (1). لكن لما كانت النقائص والشرور اللازمة للموجودات الإمكانية من قبيل الأعدام المضافة، والحدود والماهيات كان لها وجود بالعرض، والخيرات كلها منسوبة إليه تعالى

1 - النساء (4): 79.
(٧٨)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159