حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٦٦
السابق
يفيض الوجود عليها على ترتيب ونظام، فبعضها صادر عنه بلا سبب وسط، وبعضها بوسط واحد أو أكثر. وليس ذلك لنقصان في المبدأ الفاعل، بل النقصان في القابل.
ومن المعلوم: أن ما سوى الواجب بالذات يحتاج في تلبسه بالوجود إلى الواجب القيوم بالذات، فما سواه تعالى من الذوات والصفات والأفعال ممكن محتاج إلى الواجب، معلول له بلا واسطة أو مع الواسطة - حتى الأفعال الاختيارية - فلا تدافع بين انتساب قوى العبد إلى الواجب سبحانه وبين انتسابه إلى العبد، لأن الفاعلية طولية لا عرضية، فهذا هو الأمر بين الأمرين، فإنه متوسط بين الجبر والتفويض، وخير الأمور أوسطها.
وأما الطريق الدقيق في بيان المذهب الحق فهو الذي سلكه الإمام الراحل (قدس سره)، وهو مسلك الراسخين في العلم والتوحيد الخاص، فإنه - رضوان الله عليه - بعد إبطال مسلكي الجبر والتفويض وبيان استحالتهما بالبراهين القاطعة صرح باتضاح سبيل الأمر بين الأمرين والمنزلة بين المنزلتين، وهو كون الموجودات الإمكانية مؤثرات لكنه لا بالاستقلال، وأن فيها الفاعلية والعلية والتأثير لكن من غير استقلال واستبداد، وليس في دار التحقق فاعل مستقل سوى الله تعالى... - إلى أن قال (قدس سره) - فمن عرف حقيقة كون الممكن ربطا... إلى آخره.
يريد (قدس سره): أن كل ما يقال عليه سوى الله أو العالم فهو بالنسبة إلى الله تعالى لا نفسية له، لأنه ربط محض، فلا يكون طرفا للحاظ بالنسبة إلى الحقيقة الصرفة، فإن الصرف بما هو صرف لا يقبل الحد، والطرف الملحوظ معه يستلزم المحدودية.
فإذن: كما ليس في الوجود شأن إلا وهو شأنه كذلك ليس في الوجود فعل إلا وهو فعله، فالصرف لا يتثنى إذ فرض الثاني له فرض محال، فهو مع كل شئ لا بمقارنة، وغير كل شئ لا بمزايلة.
(٦٦)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159