حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٥٧
السابق
ثم وجدنا أن الماهية في ذاتها لولا الوجود لم تكن شيئا، فواقعيتها بالوجود، فالوجود الذي هو واقعية كل شئ أحق بالواقعية، فهو الواقع الأصيل، فهذا ما نعني بأصالة الوجود.
ثانيها: أنه يترتب على أصالته أنه بسيط لا جزء له، أما الأجزاء الحدية من الجنس والفصل فإنها من أحكام الماهية الاعتبارية. وأما الأجزاء العينية فإن كان كل واحد منها والكل المركب منها وجودا فلا معنى لكون الشئ جزءا لنفسه، وإن كان أحدها أو كل واحد منها غير الوجود كان باطل الذات، إذ لا أصيل غير الوجود، فهو بسيط في ذاته برئ عن أنحاء التركب.
ثالثها: أن الوجود مع بساطته في ذاته متصف تارة بالكثرة الخارجة عن ذاته مثل الكثرة العارضة له من قبل الماهيات، من جهة أن هذا إنسان وذاك فرس وذاك أسد ونحوها، وتارة متصف بالكثرة اللازمة لذاته، من جهة أن هذا مقدم وذاك مؤخر، وهذا قوي وذاك ضعيف، وهذا علة وذاك معلول، إلى غيرها من أقسامه الذاتية، فتلك الأوصاف غير خارجة عن ذاته البسيطة.
فيستنتج من ذلك: أن الوجود حقيقة واحدة ذات مراتب مشككة، يعود ما به الامتياز في كل مرتبة إلى ما به الاشتراك فهذه الحقيقة في عين وحدتها كثيرة، فتلك الأوصاف الكثيرة لا بد وأن تكون مقومات للوجود، كل في مرتبة مربوطة، بمعنى أنها فيه غير خارجة منه، وإلا كانت جزءا منه، وهذا خلف.
فالوجود حقيقة واحدة بسيطة ذات مراتب مختلفة بالشدة والضعف والكمال والنقص، والتمايز بين كل مرتبة من مراتبها ومرتبة أخرى بنفس ذاتها البسيطة، وكل مرتبة ناقصة متعلقة بالمرتبة الكاملة المتلوة وشعاع لها. فنقصانها ذاتي لها، فلا يمكن تجافيها ولا تقدمها عن تلك المرتبة، لاستلزامهما الانقلاب المستحيل، كما
(٥٧)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159