حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٣٩
السابق
قائم بالتعقل، فلولا ذلك المعنى لم يكن ملك ولا مالك ولا مملوك، وهكذا سائر الأمور الاعتبارية من الزوجية والرئاسة وعناوين المعاملات وغيرها التي يعيش الإنسان بذلك النظام الاعتباري بحسب الظاهر.
فكما أن للنبات نظاما طبيعيا في الوصول إلى كماله من العوارض الطارئة عليه والأفاعيل المخصوصة بما يستحفظ بنية وجوده بالتغذي والتنمية وتوليد المثل، فكذلك الإنسان - مثلا - له نظام طبيعي من العوارض الطارئة والأفعال، بها يستحفظ أصل وجوده مثل حفظ بنية النبات، إلا هذا النظام يبقى ويستمر بمعان وهمية وأمور اعتبارية بينها نظام اعتباري.
وهذه الاعتبارات لا تزال تتكثر طبق كثرة مسيس الحاجات، ولا يزال الإنسان يسبح فيها كالحوت في الماء، فكما أن الحيتان لو وقعت خارج الماء قضي على حياتها، فكذلك الحياة المدنية الإنسانية التي هي سابحة في لجة الاعتباريات لو ألقيت خارجها لبطلت البتة. فهذه حال الإنسان في نشأة المادة من التعلق التام بمعان وهمية سرابية يسبح فيها حتى يبلغ الكتاب أجله.
ثم إن لازم ما ذكرنا هو أن قوام هذا النظام هو ظرف الاجتماع والحياة المدنية، فحيث لا اجتماع ولا حياة مدنية لا اعتبار لمثل هذه المعاني الوهمية، فما قبل النشأة المدنية وما بعد النشأة الدنياوية من منازل ما بعد الموت حيث لا اجتماع مدنيا لا وجود لمثل هذه الاعتبارات والمعاني الوهمية فيها، إلا أن الدين الحنيف يجعل الدرجات والدركات الأخروية مترتبة على ذلك النظام المتقوم بالمعاني الوهمية والاعتبارات.
ومن المعلوم: أن وجود الرابط بين الأمرين يوجب اتحادهما في نوع الوجود كما هو مبرهن في محله، وحيث إن تلك الأمور اعتبارية والأمور الأخروية المشار إليها حقيقية خارجية فالارتباط لا بد وأن يكون بين تلك الحقائق وبين الحقائق التي تحت تلك الاعتبارات والوهميات.
(٣٩)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159