حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٣٠
السابق
مراده إرادة الفعل الصادر من المأمور فهو صحيح، لكن الإرادة في الأوامر الغير الامتحانية والإعذارية أيضا لا تكون متعلقة بالفعل الصادر من المأمور، لأن فعل الغير لا يكون متعلقا لإرادته. وإن كان مراده إرادة بعث الغير إلى الفعل فهي حاصلة في الأوامر والنواهي الامتحانية والإعذارية أيضا، إلا أن الدواعي مختلفة فيها وفي غيرها، كما أن الدواعي في مطلق الأوامر والنواهي مختلفة.
ثم مع ذلك لا بد من زيادة تأكد وإجماع، فإن كلا من الإرادة والشوق الحيواني قابلان للشدة والضعف. ولا يكفي في انبعاث القدرة أصل الإرادة المميلة إياها على أحد الطرفين ما لم يبلغ حد الجزم، ولا الشوق الناقص إليه ما لم يشتد.
فإذا تمت الإرادة المتعلقة بفعل لزم صدوره من غير تخلف بالضرورة، وكذا الشوق الحيواني إذا اشتد وقع الفعل المتعلق به إذا لم يكن مانع من خارج أو داخل.
فإن الإنسان - كالمرء الصالح - ربما يشتد شوقه إلى فعل شهواني، فيقبح فينصرف عنه ولا يريده، لوجود مانع وصارف داخلي من عقل أو شرع.
فعلم من هذا: أن الإرادة الجازمة لا يمكن أن تتخلف، فإن الشوق في الحيوان بما هو حيوان رئيس القوى الفعلية، كما أن الوهم فيه رئيس القوى الإدراكية. وأما في الحيوان النطقي بما هو حيوان ناطق فرئيسها - بعد العقل العلمي - الإرادة، وبعدها الشوق المنشعب إلى الشهوة والغضب، وبعده القدرة المباشرة للفعل، وهو تحريك العضلات، وليس أن كل فعل يفعله الإنسان مما يحتاج فيه إلى توسط شوق حيواني، بل ذلك في أفعاله الشهوية والغضبية.
فتأمل فيما ذكرناه، فإن بعض المتأخرين المشهورين بالتعميق والتحقيق وقع
(٣٠)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159