حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٢٨
السابق
تصطفيه وتختاره فتعزم على إتيانه وتهم إليه فتحرك الأعضاء التي تحت سلطانها نحوه وتأتي به. وإن لم يكن موافقا لاشتهائها ولكن العقل يرى أصلحية تحققه والإتيان به يحكم - على رغم النفس - بإتيانه، فتختار النفس وجوده وتعزم عليه وتحرك الأعضاء نحوه، كشرب الدواء النافع وقطع اليد الفاسدة، فإن العقل يحمل النفس على الشرب والقطع مع كمال كراهتها.
فما في كلام القوم (1) - من أن الإرادة هو الاشتياق الأكيد أو أن الاشتياق من مقدماتها - ليس على ما ينبغي، بل وليس التصديق بالفائدة من المقدمات الحتمية، ولا يسع المقام تفصيل ذلك [9].
ثم إن الأوامر الصادرة من الإنسان من جملة أفعاله الاختيارية الصادرة عنه بمباديها. والفرق بين الأوامر والنواهي الامتحانية والإعذارية وبين غيرها ليس في المبادي ولا في معاني الأوامر والنواهي، فإنها بما هي أفعال اختيارية مفتقرة إلى المبادي من التصور إلى تصميم العزم وتحريك عضلة اللسان، والهيئة مستعملة في كليهما استعمالا إيجاديا، أي يكون مستعملا في البعث إلى المتعلق أو الزجر عنه، والفارق بينهما هو الدواعي والغايات. فالداعي للأوامر الغير الامتحانية وما يكون باعثا له وغاية للأمر هو الخاصية المدركة من المتعلقات، كالري في قوله:
" أسقني الماء " فإن الباعث له للأمر به هو الوصول والنيل إلى الري.
والداعي إلى الأوامر والنواهي الامتحانية أو الإعذارية اختبار العبد وامتحانه أو إعذار نفسه.
[9] قال في " الأسفار ": قد يوجد الفعل بدون الشوق المتأكد، كما في الأفعال العادية، من تحريك الأعضاء وفرقعة الأصابع وكثير من الأفعال العبثية والجزافية، وكما

١ - شرح المنظومة، قسم الحكمة: ١٨٤، أنظر كفاية الأصول: ٨٦، وأجود التقريرات ١:
٨٨
، ونهاية الدراية 1: 279، وبدائع الأفكار (تقريرات المحقق العراقي) الآملي 1:
27.
(٢٨)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159