حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٨
السابق
وما قرع سمعك من بعض أصحاب الحديث (1) اغترارا بظواهر بعض الأحاديث من غير الغور إلى مغزاها - من كون إرادته تعالى حادثة مع الفعل، ومن صفات الفعل - مما يدفعه البرهان المتين، جل حضرته تعالى أن يكون في ذاته خلوا عن الإرادة التي هي من صفات الكمال للموجود بما هو موجود، وكونه كالطبائع في فعله الصادر من ذاته، للزوم التركيب في ذاته، وتصور ما هو الأكمل منه، تعالى قدسه [5].
[5] مراده (قدس سره) ببعض أصحاب الحديث إمام المحدثين الكليني (رحمه الله) في " أصول الكافي "، وصدوق الطائفة (رحمه الله) في " التوحيد " و " عيون أخبار الرضا " عليه آلاف التحية والثناء.
قال في " الكافي ": جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل، إن كل شيئين وصفت الله بهما وكانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل.
وتفسير هذه الجملة: أنك تثبت في الوجود ما يريد وما لا يريد وما يرضاه وما يسخطه وما يحب وما يبغض، فلو كانت الإرادة من صفات الذات - مثل العلم والقدرة - كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة، ولو كان ما لا يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة.
ألا ترى أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه، وكذلك صفات ذاته الأزلي لسنا نصفه بقدرة وعجز [وعلم وجهل] من الصفات المتقابلات، بخلاف الصفات الذاتية مثل العلم والقدرة فإنه تعالى يوصف بهما، ويمتنع وصفه تعالى بما يقابلها في الجهل والعجز... إلى آخر ما ذكره في جملة قوله (رحمه الله).
وصريح قوله إنكار الإرادة الذاتية لله الكبير المتعال، وأنه - جلت حضرته - في مرتبة ذاته عري عن الإرادة التي هي من صفات الكمال للموجود بما هو موجود، فإن

١ - أنظر الكافي ١: ١١١ - ١١٢، التوحيد: ١٤٨، بحار الأنوار ٤: ١٣٤ - 147.
(١٨)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159