حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٥٩
السابق
البرهان وصراح الحق والأخبار المتظافرة الناصة على نفي الجبر والتفويض (1)، بل لا يبعد أن يكون الأمر بين الأمرين من الضروريات من مذهب الأئمة: الغير المحتاجة إلى البنيان.
تنبيه [حول مفاد بعض الأحاديث] ومما ذكرنا ظهر مغزى قوله: " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " (2) فإنه كناية عن اختلاف نفوس البشر في جواهرها صفاء وكدورة، كاختلاف المعادن في الصور النوعية والخاصية.
وكذا قوله: " السعيد سعيد في بطن أمه، والشقي شقي في بطن أمه " (3)، فإن من ينتهي أمره إلى الراحة الدائمة الغير المتناهية واللذات الغير المنقطعة والعطاء الغير المجذوذ فهو سعيد في أول أمره وإن في أيام قليلة لا نسبة بينها وبين الغير المتناهي في تعب وشدة، وكذلك في جانب الشقاوة.
ويمكن أن يكون المراد ما نبهنا عليه من اختلاف النفوس من بدو النشو، فإن النفس المفاضة على المادة اللطيفة لطيفة نورانية تكون ممن تحن إلى الخيرات وموجبات السعادة، فهي سعيدة، وعكس ذلك ما يفاض على المادة الكثيفة. وقد عرفت أن هذا الحنين والميل لا يخرج النفوس عن الاختيار والإرادة.
ولا ينافي ما ذكرناه ما عن توحيد الصدوق (قدس سره) (4) بسنده عن محمد بن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر 8 عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه ". فقال:
" الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل عمل الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل عمل السعداء ". قلت له: فما معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):

١ - الكافي ١: ١٥٥، باب الجبر والقدر، التوحيد: ٣٥٩ - ٣٦٤.
٢ - الكافي ٨: ١٧٧ / ١٩٧، مسند أحمد بن حنبل ٢: ٥٣٩.
٣ - التوحيد: ٣٥٦ / ٣، بحار الأنوار ٥: ١٥٧ / ١٠، كنز العمال ١: ١٠٧ / 491.
4 - التوحيد: 356 / 3.
(١٥٩)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159