حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٣٦
السابق
قال سيدنا الأستاذ صالح المتألهين (قدس سره) في تفسير قوله تعالى: * (كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * (الأعراف: 29) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا وشقيا وسعيدا، وكذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضال ".
قال (رحمه الله): وقد وقع هذا المعنى في روايات أخرى واردة في تفسير آيات القدر، وهي روايات جمة مختلفة يشترك جميعها في الدلالة على أن آخر الخلقة يشاكل أولها، وعود الإنسان يناظر بدوه، وأن المهتدي في آخر أمره مهتد من أول أمره، وأن الضال ضال من أول، والشقي شقي في بدو، والسعيد سعيد فيه.
والروايات على اختلاف بياناتها كالآيات ليست في مقام إثبات السعادة والشقاوة الذاتيتين بمعنى ما يقتضيه ذات الإنسان ويلزم ماهيته كالزوجية للأربعة، فإن ذلك مما لا ينبغي توهمه.
إلى أن قال: على أن ذلك يوجب اختلاف نظام العقل في جميع ما يبني عليه العقلاء في أمورهم واتفاقهم على توقع التأثير في باب التعليم والتربية وتسالمهم على وجود ما يستتبع المدح والذم أو يتصف بالحسن والقبح يدفعه. وكذلك يوجب لغوية تشريع الشرائع وإنزال الكتب وإرسال الرسل. ولا معنى لإتمام الحجة في الذاتيات بأي معنى صورناها بعدما كانت مستحيلة الانفكاك عن الذوات.
والكتاب الكريم يسلم نظام العقل ويصدق بناء الإنسان بنيان أعماله في الحياة على الاختيار. وأساس هذا البيان على قضيتين: إحداهما أن بين الفعل الاختياري وغيره فرقا، وهي قضية عقلية ضرورية. والثانية: أن الأفعال الاختيارية تتصف بحسن وقبح وتستتبع مدحا وذما وثوابا وعقابا، وهي قضية عقلائية لا يسع لعاقل أن ينكرها، وهو واقع تحت النظام الاجتماعي الحاكم على مدى حياته.
وبالجملة: لا مجال للقول بالسعادة والشقاوة الذاتيتين بالمعنى المتقدم أبدا، فما
(١٣٦)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159