حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٣٤
السابق
[التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين] إذا عرفت ما تلونا عليك اتضح لك: أن السعادة والشقاوة ليستا ذاتيتين غير معللتين، لعدم كونهما جزء ذات الإنسان ولا لازم ماهيته، بل هما من الأمور الوجودية التي تكون معللة بل مكسوبة باختيار العبد وإرادته.
فمبدأ السعادة هو العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، ومبدأ الشقاوة مقابلاتها مما يكون له في النفس آثار وصور ويرى جزاءها وصورها الغيبية في عالم الآخرة على ما هو المقرر في لسان الشرع والكتب العقلية المعدة لتفاصيل ذلك (1).
فتحصل مما ذكرنا: أن السعادة والشقاوة لما كانتا من الحيثيات الوجودية وهي كما عرفت معللة كلها، فلا سبيل إلى القول بأنها من الذاتيات الغير المعللة. والمحقق الخراساني (قدس سره) قد أخذ هذه القضية من محالها واستعملها في غير محلها فصار غرضا للإشكال (2) [38].
[38] أقول: إن ما ذكره الأستاذ الإمام (قدس سره) في معنى السعادة والشقاوة لدى متفاهم العرف والعقلاء لا ينبغي الارتياب فيه، وهو المصرح به في كلام رئيس العقلاء، ولكنه ترك لنا بعض المجال لتوضيح ذلك:
فأقول: إن دار الطبيعة حيث كانت موقف الاستكمال الشامل لجميع الموجودات المادية - ومنها النوع الإنساني - فإنه أول أمره موجود بالقوة فله كمال ما به يتم ويستكمل ذاته. فذاك الكمال المترقب الذي به يتم ذاته نسميه خيرا، وله عدم ما إذا عرضه لم يتكمل ذاته ونسميه شرا، ومن البديهي أنه في الوصول إلى كماله يسلك سبيل التدريج، فلا محالة بينه وبين كماله أوساط ونسميها بالنوافع، كما أن بينه وبين الشر وسائط ونسميها بالضوار. فللإنسان في سلوكه خير وشر ونافع وضار، فالكمال المطلق خير مطلق وعدمه

١ - أنظر الحكمة المتعالية ٩: ١٢١ - ٣٨٢، والمبدأ والمعاد، صدر المتألهين: ٤٢٣ - ٤٦٧.
٢ - أنظر كفاية الأصول: ٦٨.
(١٣٤)
التالي
الاولى ١
١٦٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 7
2 في وصف المتكلم 12
3 فساد قول المعتزلة 15
4 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 19
5 تنبيه عرشي 21
6 فساد قول الأشاعرة 23
7 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 24
8 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 38
9 إيقاظ 41
10 الفصل الأول: في عنوان المسألة 44
11 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 50
12 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 62
13 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 67
14 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 75
15 تمثيل 79
16 تمثيل أقرب 79
17 تأييدات نقلية 80
18 الآيات 80
19 الروايات 83
20 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 93
21 حول إرادية الإرادة 93
22 تحقيق يندفع به الإشكال 98
23 تنبيه 103
24 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 104
25 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 114
26 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 121
27 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 126
28 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 129
29 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 129
30 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 131
31 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 139
32 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 156
33 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 159