الإمام البخاري وفقه أهل العراق - الشيخ حسين غيب غلامي الهرساوي - الصفحة ٥٣
السابق
«جاء الحبر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال: يا محمد! إن الله يضع السماء على إصبع...» (1).
وفي بعضها: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السموات على إصبع...»! (2) ونعود إلى صلب الموضوع في تعاون المحدثين والحكام للقيام ضد حركة أهل الرأي من أصحاب أبي حنيفة. فلما أحس الحكام تفوق علماء الحنفية في المنازعات والمناظرات على المحدثين، أخذت طائفة منهم في بعض الأدوار لزوم هذا المذهب، واستخدموا قضاتهم على المناصب المهمة، ولذلك نرى كثيرا من المحدثين يستبدلون مذهبهم من الشافعي إلى الحنفي، وبالعكس.
وهذا التلون والتبدل في المذهب لدى الأمراء والمحدثين إنما يتبع اتجاه الخليفة الفكري والسياسي. (3) وكما أشرنا أن المحدثين أيضا قد استعانوا في كتبهم الحديثية ببيان آرائهم ونظراتهم الاجتهادية ولقنوها أبناءهم، فلما رأى أبو حنيفة وأصحابه ذلك اشتدوا وتصلبوا في العمل بالقياس واهتموا بالحديث، لمواجهة الخصوم، وما يتهمهم به المحدثون من جهل بالحديث، أو إنكار التصحيح عنه.
فنرى بعد ذلك أصحاب أبي حنيفة، أبا يوسفهم القاضي والشيباني يقبلان الحديث، وعلى أثرهما أبو جعفر الطحاوي صاحب كتاب «مشكل الآثار»، إذ جمع بين

1 - صحيح البخاري - ط باموق - 8: 186 - باب إن الله يمسك السماوات.
2 - صحيح البخاري - ط باموق - 8: 174 - باب قول الله: لما خلقت بيدي.
3 - أما في الخلفاء فأمر طبيعي لأنهم أصحاب الدنيا والجاه، فيتبعون لذلك القضاة، وغالبا في المذهب فيما يجتمع عليه أكثر الناس، وفي المحدثين أيضا طائفة كبيرة قد بدلوا وغيروا مذاهبهم، كما نرى ذلك في ابن المديني وابن معين، والبخاري، وابن أبي داود، وابني أبي شيبة وآخرين هكذا في الطبقات الأخرى، فانظر كتاب «نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة وانتشارها» لأحمد تيمور، وكتاب «الخطط» للمقريزي، وكتاب «ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب، وكتاب «تاريخ أهل الحديث» للدهلوي المدني، وغير ذلك.
(٥٣)
التالي
الاولى ١
٢١٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 الفصل الأول الاتجاهات الفكرية في عصر البخاري 9
3 الشيعة 13
4 المعتزلة والجهمية 23
5 الأحناف 27
6 القرن الأول 28
7 القرن الثاني 35
8 القرن الثالث 39
9 خطة المتوكل العباسي لنشر النصب 39
10 أهم العلماء الذين اعتمد عليهم المتوكل 41
11 دور البخاري وأهداف المتوكل 45
12 الفصل الثاني أبو حنيفة 48
13 أبو حنيفة وولاؤه للعلويين 51
14 أبو حنيفة في ميزان الجرح والتعديل 54
15 المحدثون وجرح أبي حنيفة 55
16 زعماء الفكر الحنفي في العراق 61
17 ذم القياس والرأي 64
18 مدح الإجتهاد والطعن على المحدثين 66
19 موقف الظاهرية من الرأي والاجتهاد 69
20 نقد أهل الحديث على الظاهرية 72
21 المتحاملون على أبي حنيفة من شيوخ البخاري 74
22 أبو بكر بن أبي شيبة 74
23 نعيم بن حماد 75
24 الحميدي 77
25 تأثر الحميدي بالشافعي 80
26 الفصل الثالث الإمام البخاري 85
27 شيوخ البخاري 87
28 شيوخ البخاري بمكة 89
29 مذهب البخاري 92
30 محاكمة الندوي 94
31 مذهب البخاري في الكلام 95
32 عقيدته في التوحيد 97
33 اعتقاد البخاري في النبوة 100
34 بين تصديق البخاري وتكذيب مخالفيه 104
35 مذهب البخاري في الحديث 107
36 البخاري وعلم الرجال الحديث 108
37 تدليس البخاري 110
38 أقوال العلماء في ذم التدليس 111
39 بدعة البخاري 113
40 اخلاق البخاري 114
41 فقه البخاري 115
42 بين البخاري والحنفية 117
43 البخاري وكتبه الفقهية في الرد على الحنفية 117
44 صحيح البخاري 118
45 صحيح البخاري حجة بين المؤلف وبين الله تبارك وتعالى 118
46 التحقيق في «صحيح» البخاري 119
47 تحقيق في افتتاح البخاري بحديث «الأعمال بالنيات» 121
48 الأول: الاقتداء بشيخه عبد الرحمن بن مهدي 121
49 الثاني: إظهار المخالفة لأبي حنيفة في النية وتأثيرها 122
50 كتابه «قرة العينين برفع اليدين» 125
51 نظرية الحنفية في رفع اليدين 126
52 كتابه «القراءة خلف الإمام» 132
53 الفصل الرابع مواضع رد البخاري في صحيحه على أبي حنيفة 134
54 تعبير البخاري عن أبي حنيفة ب‍ «بعض الناس» 135
55 بين البخاري وأهل الرأي 136
56 تحقيق في تعبير البخاري ب‍ «بعض الناس» 139
57 موارد التعبير ب‍ «بعض الناس» في صحيح البخاري 142
58 الأول: في الركاز 142
59 الثاني: في الهبة 145
60 الثالث: في الهبة أيضا 147
61 الرابع: في الشهادات 149
62 الخامس: في الوصايا 152
63 السادس: في اللعان 154
64 السابع: في الإكراه 157
65 الثامن: في الأيمان 158
66 التاسع: في الإكراه 164
67 العاشر: في الحيل (في الزكاة) 165
68 موقف المحدثين من الحيل 166
69 البخاري وكتاب الحيل 170
70 افتتاح كتاب الحيل 171
71 الحادي عشر: في الزكاة أيضا 172
72 الثاني عشر: في الزكاة أيضا 173
73 الثالث عشر: في النكاح 174
74 الرابع عشر: في النكاح 176
75 الخامس عشر: في النكاح 176
76 السادس عشر: في النكاح 178
77 السابع عشر: في النكاح أيضا 178
78 الثامن عشر: في الغصب 180
79 التاسع عشر: في الهبة والشفعة 182
80 العشرون: في الشفعة 183
81 الواحد والعشرون: في الشفعة 185
82 الثاني والعشرون: في الشفعة 185
83 الثالث والعشرون: في الشفعة أيضا 186
84 الرابع والعشرون: في الأحكام 187
85 الخامس والعشرون: في الأحكام 189
86 الثاني موارد تعريضه بأبي حنيفة صراحة 189
87 الخاتمة 192
88 المصادر والمراجع 194