شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٧١
السابق
عثمان الهمداني أبو مالك، عن عبيدة، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن وإن علي ابن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن.
ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الحسيني الشافعي في " توضيح الدلائل " (ص 213 نسخة مكتبة الملي بفارس) قال:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن وإن عليا عنده علم الظاهر والباطن. رواه الحافظ أبو نعيم في الحلية (1).

(١) قال الدكتور محمد عبد الرحيم محمد في " المدخل إلى فقه الإمام علي رضي الله عنه " (ص ٣٥ ط دار الحديث - القاهرة):
ويكفي إشارة إلى علمه بتفسير القرآن الكريم ما أخرجه أبو نعيم بسنده إلى عبد الله ابن مسعود قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما فيها حرف إلا له ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر وعلم الباطن.
ولعله من المفيد هنا أن أسوق إليك بعض الأمثلة لتفسير علي للقرآن الكريم، فعلى سبيل المثال عند تفسير قوله تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) يذكر لنا السيوطي ما قاله علي في تفسير هذه الآية فيقول: خليلان مؤمنان وخليلان كافران توفي أحد المؤمنين فبشر بالجنة فذكر خليله فقال: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أني ملاقيك، اللهم لا تضله بعدي حتى تريه ما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني، فيقال له: اذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا ولبكيت قليلا، ثم يموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل. وإذا مات أحد الكافرين بشر بالنار فيذكر خليله فيقول: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير وينبئني أني غير ملاقيك اللهم فلا تعده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت علي، فيموت الآخر فيجمع الله بين أرواحهما فيقال: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل لصاحبه: بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل.
وفي تفسير قوله تعالى: (وإذا ما نزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا)، يروي لنا البغوي ما قاله علي في تفسير هذه الآية فيقول: إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب، فكلما ازداد الإيمان ازداد ذلك البياض حتى يبيض القلب كله، وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق ازداد بذلك السواد، حتى يسود القلب كله، وأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود.
وفي تفسير قوله تعالى: (ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون)، يروي لنا الواحدي أيضا تفسير علي لهذه الآية بقوله وقال علي رضي الله عنه: تمام النعمة:
الموت على الإسلام، وعنه أيضا: النعم ست: الإسلام والقرآن ومحمد عليه السلام والستر والعافية والغنى عما في أيدي الناس.
وهكذا نجد آراء وأفكار علي التفسيرية أكثر دورانا في كتب التفسير المختلفة عن غيرها من آراء السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم.
وإنه لجدير بنا أن نشير إلى أنه على الرغم من أن هناك كتابات متعددة عن بعض جوانب علي بن أبي طالب، إلا أن الجانب التفسيري لم ينل حظا حتى الآن من هذه الدراسات المتعددة، إذ لم يطرق من قبل بالدراسة لا من قريب ولا من بعيد. وفي ظني أننا نستطيع بعد البحث والتنقيب في كتب التراث المختلفة وبخاصة كتب التفسير أن نخرج بتفسير لعلي بن أبي طالب له قيمته وأهميته في المكتبة العربية والإسلامية.
وقال الدكتور دوايت. رونلدسن في " عقيدة الشيعة " تعريب ع. م. (ص ٦٣ ط مؤسسة المفيد - بيروت):
وتؤكد بعض الروايات أنه كان عند علي نسخة من القرآن جمعها ورتبها بنفسه وعلق عليها بعض الحواشى حسب ما كلم الرسول صلى الله عليه وسلم به.
وقال العلامة فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ في " مناقب الإمام الشافعي " (ص ١٢٥ ط مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة):
وكان علي عليه السلام قد خص بعلم القرآن والفقه، لأن النبي عليه السلام دعا له، وأمره أن يقضي بين الناس، وكانت قضاياه ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيمضيها.
وقال الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه " أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم " (ص ٧٨ ط دار الهجرة - بيروت):
وكان الرجل متفقها في الدين يرجع إليه في كثير من مسائل الدين وتفسير القرآن ورواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول: سلوني سلوني عن كتاب الله تعالى فوالله ما من آية إلا أنا أعلم أنزلت بليل أو نهار في سهل أم في جبل.
وقال الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في " علي إمام المتقين " (ج 1 ص 47 ط مكتبة غريب الفجالة):
وكان علي بحكم صلته بالرسول عليه الصلاة والسلام، يعرف أين وكيف نزلت هذه الآيات جميعا، وفيمن نزلت، وفيم نزلت فهو إلى خبرته بها، قد تعلم من أستاده العظيم أسرارها، وله أذن واعية.
ومن أجل ذلك استفتاه الصحابة في أمور الدنيا والدين وكان هو يبذل الفتيا قبل أن يسأل إن عرضت أمامه مشكلة.
وكان الرسول طيلة حياته يشجعه على الفتيا، ويقر آراءه، ويستحسنها.
وقال أيضا في ج 2 ص 19:
لا خلاص إلا باللجو إلى السنة واتباعها وإلا بالتأسي بسيرة السلف الصالح، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين، بمن فيهم علي بن أبي طالب.
وكان أحمد يعرف أن أشد ما يغيظ حكام بني العباس هو نشر فقه الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ذلك أن كثرة الثناء على الإمام علي، يثير عطف الناس على بنيه وكان بنوه قد ثاروا المرة بعد المرة على مظالم خلفاء بني أمية، ثم على خلفاء بني العباس، وحدثت فيهم من أجل ذلك مقاتل عظيمة ومن لم يقتل من بني علي عاشوا يرسفون في أغلالهم تحت الأبراج.
وكان فقه الإمام علي بن أبي طالب وأقضيته، في صدور قلائل من العلماء أكثرهم من الشيعة، ثم أذيعت آراؤه وأفكاره ليستفيد منها بنو العباس أبناء عمومته في محاربة مظالم بني أمية، ولكن بني العباس خشوا أن يستعملها المعارضون في نقدهم وخافوا أن يكتسب بها المعارضون حب الناس وتأييدهم وهكذا أخفى حكام بني العباس أقضية الإمام علي وفتاواه وفقهه واستخفى.
ولكن أحمد بن حنبل ما كان يستطيع أن يتجاهل سيرة علي بن أبي طالب ولا أفكاره لتكون من بعده سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن يريد أن يعتبر بآثار السلف الصالح.
بحث الإمام أحمد عن فقه وأقضية الخلفاء الراشدين فأعجب بما عرفه من فقه الإمام علي كرم الله وجهه، وبدأ ينشره ويستشهد به فوجد عليه خلفاء بن العباس وجدا شديدا. وأهمهم أمره! ولكنهم لم يظهروا الغضب عليه، فما كان أحمد يعمل بالسياسة، وما كان رأيه في الخلافة ليزعجهم، بل إن هذا الرأي على النقيض يرضي خلفاء بني العباس. ذلك أن أحمد كان يرى وجوب طاعة الخليفة ولو كان فاجرا فطاعة الفاجر عنده خير من الفتنة التي لا تصيب الذين ظلموا خاصة بل تصيب معهم الأبرياء، وتضعف الدولة فيطمع فيها أعداء الإسلام.
(٧١)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 9
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 31
3 مولد علي عليه السلام 32
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 37
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 46
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 49
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 49
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 50
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 50
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 59
11 جوابه عليه السلام لليهود 60
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 61
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 66
14 علمه عليه السلام بالجفر 76
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 82
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 85
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 85
18 حديث جابر وأنس بن مالك 86
19 حديث عبد الله بن مسعود 87
20 قول عمر علي أقضانا 90
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 100
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 105
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 109
24 من أقضيته عليه السلام 111
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 153
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 153
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 154
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 155
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 169
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 192
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 223
32 زهد علي عليه السلام وعدله 228
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 256
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 257
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 263
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 264
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 264
38 صدقات علي عليه السلام 268
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 271
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 286
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 287
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 289
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 292
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 299
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 305
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 311
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 322
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 335
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 338
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 338
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 340
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 342
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 347
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 349
55 قصة حرب الجمل 352
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 438
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 445
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 448
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 448
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 459
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 460
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 505
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 518
64 حديث أنس بن مالك 518
65 حديث أبى رافع 519
66 حديث جابر بن سمرة 520
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 526
68 حديث محمد بن الحنفية 526
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 527
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 529
71 حديث زيد بن وهب 532
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 533
73 حديث أبى الطفيل 534
74 حديث نبل بنت بدر 536
75 حديث سالم بن أبى الجعد 537
76 حديث عبيدة وأم جعفر 538
77 حديث عثمان بن مغيرة 539
78 حديث كثير وروح بن أمية 540
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 541
80 حديث عبد الله بن سبع 542
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 543
82 حديث والد خالد أبي حفص 543
83 ما روى جماعة مرسلا 544
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 547
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 562
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 563
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 572
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 581
89 محل دفن جثمانه الشريف 586
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 592
91 قتل ابن ملجم اللعين 592
92 أزواجه عليه السلام 593
93 أولاده الأشراف السادة 597
94 بعض مراثيه عليه السلام 605