شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٣٤
السابق

رسول الله من أخوك؟ قال عليه السلام: علي يا أم أيمن. قالت تكرر وتستغرب:
وكيف يكون أخاك وقد زوجته ابنتك؟ قال: هو ذاك يا أم أيمن.
ثم دعا عليه السلام بماء فيه آنية فغسل فيه يديه ثم دعا عليا فجلس بين يديه فنضح على صدره من ذلك الماء وبين كتفيه.
ثم دعا عليه الصلاة والسلام فاطمة قائلا: تعالى يا بنية، فأقبلت على استحياء بغير خمار تعثر في ثوبها فنضح عليها من ذلك الماء ثم قال: والله ما ألوت أن زوجتك غير أهلي. وهم الرسول بالخروج وكان ذلك بعد صلاة العشاء بكت فاطمة فقال لها مباركا مهدئا: أي بنيتي قد تركتك وديعة عند رجل إيمانه أقوى إيمان وعلمه أكثر من علم الجميع وإنه أفضل الناس أخلاقا وأعلاهم نفسا. صدق رسول الله.
وكان الزفاف بعد غزوة بدر لكن الخطوبة كانت قبل بدر، ويروى في ذلك أن عمر السيدة فاطمة كان ثماني عشر سنة والإمام كرم الله وجهه في الخامسة والعشرين.
وبدأت حياتها هنيئة راضية، في رفاهية الإيمان وحلاوته وتقشف مادي سما فوقه إيمانها مما جعل العروسان الشابان يكسران حاجز السعادة بالمادة فقط لا بل ليست الرفاهية قصورا وحدائق فقط.
فاطمة في بيت الإمام دخلت الزهراء البتول بيت الإمام وكانت أمه فاطمة بنت عبد الأسد سيدة قريش ذات طيب وشرف وخلق عظيم. وجاء علي بزوجته باسما هاشا للأم الرؤوم وقال: يا أماه اكفي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقيان الماء والذهاب في الحاجة وهي تكفيك الداخل أي داخل البيت الطحن والعجن، وحسبي أن الأم سعيدة بهذا المنزل لابنها الكريم الذي تزوج من ابنة حبيبه الذي عايش طفولته وشبابه وهاهو ذا يهديه ابنته وهو من المال قليل ومن الزاد ما يكفي يومه فقط صلى الله عليه وسلم.
واستمرت الحياة هانئة جميلة بين العروس وزوجها، وما تخلو الشهور الأولى من الزواج من دلال العروس حين يغضب الزوج قليل التجربة بمسؤولية الزواج ولكنها لا تطول وتتنظم الحياة هانئة بينهما فيما بعد، ومما يذكر في ذلك خبر عظيم وجميل في سرده ليكون درسا مسبقا من الأسرة النبوية رضي الله عنهم أجمعين.
حملت السيدة فاطمة حملها الأول وجاءت أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب وقالت: يا رسول الله رأيت رؤيا عجيبة، فقال عليه السلام: خيرا. قالت: رأيت عضوا من أعضاء جسمك في بيتنا، فابتسم وقال لها: خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه، وذهب إلى فاطمة وبشرها بغلام.
وبعد أيام جاء الطفل الحسن بن علي بن أبي طالب فأولم عليه السلام وذبح شاة وقام بتوزيعها على الفقراء وأعطى القابلة فخذ الشاة ودينارا وراح والغلام يبكي ويعلو صوته في بيت الإمام فيجئ الرسول ويقول لفاطمة: أرضعي الحسن يا فاطمة فإن صوته يؤلمني، رضي الله عنهم أجمعين.
وتحركه فاطمة بين يديها وتقول:
أشبه أباك يا حسن * خلع عن الحق الرسن واعبد إلها ذا منن * ولا توالي ذا الإحن وجاء بعده بعام الحسين ثم زينب، وكانوا مكرمين عند جدهم الرسول صلى الله عليه وسلم وكان دائما يقول: الحسن والحسين ريحانتاي في الدنيا. وذات يوم تقاتل الحفيدان، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضحك ويقول: إيها حسن.
فقالت فاطمة والإمام علي كرم الله وجهه: يا رسول الله أعلى حسين تواليه؟ فابتسم الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال: هذا جبريل يقول: إيها حسين ولم يطق الرسول أيضا سماع بكاء حسين بن علي فأسرع إلى فاطمة يقول: يا فاطمة أسكتي حسينا ألم تعلمي إن بكاءه يؤذيني؟ وأنجبا السيدة زينب عقيلة بني هاشم كما سموها وعاشا على الإيمان والحب.
نعم عاشا على الإيمان والحب لا طمع في الدنيا ومالها وزينتها والسمع والطاعة لتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإمام رضي الله عنه وكرم الله وجهه يروي لنا كيف كانا يواجهان حياتهما.
قال الإمام: اشتكت فاطمة ما تلقى من الرحى وقد تعبت يداها من إدارتها فبلغها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسبي - أي جاءه بعض الأسرى - فاتته تسأله خادما يساعدها في شؤون البيت فلم تجد أباها، فذكرت ذلك للسيدة عائشة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة له ذلك فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا وأردنا أن ننام فذهبنا نقوم.
فقال عليه السلام: على مكانكما، ألا أدلكما على خير مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله ثلاثا وثلاثين واحمداه ثلاثا وثلاثين، وسبحاه ثلاثا وثلاثين إن ذلك خير مما سألتماني.
وكان ذلك مثلا لتضحية الرسول وأهله رضوان الله عليهم برغد هذه الدنيا والرغبة فيها بل آثروا شظفها وشقاءها على رغدها ونعيمها حبا في العدل وكرها في متاعها القليل (إنما الحياة الدنيا لهو ومتاع).
ولما رآها صلى الله عليه وسلم تقتني سلسلة من الذهب أهداها لها الإمام، قال عليه السلام لفاطمة: يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس ابنة الرسول في يدها سلسلة من نار؟ ثم خرج عليه السلام ولم يعقد، فأرسلت أم الحسن رضي الله عنها فباعتها واشترت بثمنها عبدا فأعتقته. فحدث الرسول بعد ذلك قائلا: الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار.
(٣٤)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 9
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 31
3 مولد علي عليه السلام 32
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 37
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 46
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 49
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 49
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 50
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 50
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 59
11 جوابه عليه السلام لليهود 60
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 61
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 66
14 علمه عليه السلام بالجفر 76
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 82
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 85
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 85
18 حديث جابر وأنس بن مالك 86
19 حديث عبد الله بن مسعود 87
20 قول عمر علي أقضانا 90
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 100
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 105
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 109
24 من أقضيته عليه السلام 111
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 153
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 153
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 154
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 155
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 169
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 192
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 223
32 زهد علي عليه السلام وعدله 228
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 256
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 257
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 263
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 264
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 264
38 صدقات علي عليه السلام 268
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 271
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 286
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 287
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 289
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 292
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 299
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 305
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 311
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 322
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 335
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 338
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 338
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 340
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 342
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 347
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 349
55 قصة حرب الجمل 352
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 438
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 445
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 448
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 448
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 459
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 460
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 505
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 518
64 حديث أنس بن مالك 518
65 حديث أبى رافع 519
66 حديث جابر بن سمرة 520
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 526
68 حديث محمد بن الحنفية 526
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 527
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 529
71 حديث زيد بن وهب 532
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 533
73 حديث أبى الطفيل 534
74 حديث نبل بنت بدر 536
75 حديث سالم بن أبى الجعد 537
76 حديث عبيدة وأم جعفر 538
77 حديث عثمان بن مغيرة 539
78 حديث كثير وروح بن أمية 540
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 541
80 حديث عبد الله بن سبع 542
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 543
82 حديث والد خالد أبي حفص 543
83 ما روى جماعة مرسلا 544
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 547
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 562
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 563
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 572
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 581
89 محل دفن جثمانه الشريف 586
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 592
91 قتل ابن ملجم اللعين 592
92 أزواجه عليه السلام 593
93 أولاده الأشراف السادة 597
94 بعض مراثيه عليه السلام 605