شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٩ - الصفحة ٣٨
السابق
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل يا طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فبكى المتوكل وأمر برفع الشراب وقال: يا أبا الحسن عليك دين؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فدفعها إليه ورده إلى بيته مكرما 1).

(١) قال الفاضل المعاصر الهادي حمو في " أضواء على الشيعة " ص ١٣٧ ط دار التركي:
١٠ - الإمام علي الهادي النقي (٢٥٤ ه‍ - ٨٦٨ م):
هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد تولى الإمامة كأبيه صغيرا مات عنه وهو ابن ست أو ثماني سنوات، وفي عهده تكهربت سياسة العباسيين ضد الشيعة نظرا لما كان يحدث إما من الاضطرابات السياسية المتبرقعة بالدعوة لآل البيت أو لما كان يكنه الخليفة المتوكل من بغض لعلي وذريته فأمر بهدم قبر الحسين وتسويته بالتراب وحرث مكانه المعروف وفي ذلك يقول ابن السكيت:
تالله إذا كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتته بنو أبيه بمثله * فغدا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما كما أمر المتوكل يحيى بن هرثمة بالذهاب إلى المدينة حيث يحظى الإمام الهادي بالتبجيل والتكريم ففتش منزله وانتزعه من أحضان المدينة الحظية به إلى سامراء حيث الإقامة الجبرية هناك.
ومع ذلك فلم يستقر للمتوكل قرار حتى وجه إليه ذات ليلة كوكبة من جند الأتراك فهجموا عليه في إقامته على غفلة فوجدوه وحده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر وعلى رأسه ملحفة من صوف وهو مستقبل القبلة يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل، فأخذ على الصورة التي وجد عليها وحمل إلى المتوكل في جوف الليل فمثل بين يديه والمتوكل يستعمل الشراب وفي يده كأس. فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جانبه وقيل له: لم يكن في منزله شئ مما قيل عنه. فناوله المتوكل الكأس التي كانت بيده، فقال: يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا أستحسنه، قال: إني قليل الرواية للشعر، قال: لا بد أن تنشدني، فأنشده:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز من مقامتهم * فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صائح من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فأشفق من حضر على الهادي وظن أن بادرة تبدر إليه من الخليفة لكن الخليفة بكى بكاء شديدا وبكى من حضر معه المجلس.
وثمة رواية شيعية عن هذا الموقف مع المتوكل وهي أنه كان في مجلسه عند مثول الإمام، الشاعر علي بن الجهم فسأله الخليفة: من أشعر الناس؟ فذكر ابن الجهم الشعراء في الجاهلية والاسلام. فسأل الإمام عن ذلك. فقال: أشعر الناس الحماني، حيث يقول:
لقد فارقتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصوامع ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع فإن رسول الله أحمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع فقال له المتوكل: ما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
ومهما كان من أمر هذه الروايات فهي كافية أن تعطينا صورة عن وجه الحياة الثانية التي تقابلها الحياة الرسمية للخلفاء العباسيين الذين كانوا يغرقون في الترف ونعيم العيش، ويأخذون مما عهد في مباذل الفرس وغيرهم من الأمم الأعجمية والتي عجت بها ساحة الحضارة العربية ببغداد.
ومنهم العلامة أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة ١٠٨٩ في " الشذرات " ج ٢ ص ١٢٨ ط دار إحياء التراث العربي، بيروت، في وقايع سنة ٢٥٤:
وفيها أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسيني المعروف بالهادي، كان فقيها إماما متعبدا، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد غلاة الشيعة عصمتهم كالأنبياء، سعي به إلى المتوكل وقيل له: إن في بيته سلاحا وعدة ويريد القيام فأمر من هجم عليه منزله، فوجده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر يصلي ليس بينه وبين الأرض فراش، وهو يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، فحمل إليه ووصف له حاله، فلما رآه عظمه وأجلسه إلى جنبه وناوله شرابا فقال: ما خامر لحمي ولا دمي فأعفني منه، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا. فأنشده أبياتا أبكاه بها، فأمر له بأربعة آلاف دينار ورده مكرما.
وإنما قيل العسكري لأنه سعى به المتوكل أحضره من المدينة وهي مولده وأقره بمدينة العسكري وهي سر من رأى، سميت بالعسكر لأن المعتصم حين بناها انتقل إليها بعسكره فسميت بذلك، وأقام بها صاحب الترجمة عشرين سنة فنسب إليها.
ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد الخضري بك المفتش بوزارة المعارف بمصر في " محاضرات تاريخ الأمم الاسلامية " ص 359 ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر، قال:
وكان إمام الإمامية في عهده أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب سعى به إلى المتوكل فأقدمه من المدينة إلى سامراء التي كانت تعرف بالعسكر، فلقب بالعسكري. وقد ظل مقيما بها نحو عشرين سنة ومات بها.
ولما جاء سامراء لم تنقطع السعايات عنه، فقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من هجم عليه منزله وهو غافل، فوجد في بيت وحده عليه مدرعة من شعر ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى، وعلى رأسه ملفة من صوف وهو يقرأ ويدعو، فحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب، فأجلسه إلى جنبه وعرض عليه الكأس، فاستعفى فأعفاه، ثم قال له: أنشدني شعرا، فأنشده:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم * فأودعوا حفرا يا بئسما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا وطالما عمروا دورا لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا وأضحت منازلهم قفرا معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته، ثم أمر برفع الشراب وأمر له بأربعة آلاف دينار يقضي بها دينه، ورده إلى منزله مكرما.
(٣٨)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإمام التاسع أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام نسبه وولادته ووفاته عليه السلام 3
2 ألقابه عليه السلام وكنيته 9
3 نقش خاتمه عليه السلام 10
4 اختيار المأمون له عليه السلام 11
5 جملة من كلماته الشريفة 14
6 كلمات العلماء في شأنه عليه السلام 16
7 أولاده عليه السلام 29
8 * الإمام العاشر أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام * نسبه الشريف وميلاده ووفاته 31
9 كنيته وألقابه ونقش خاتمه 34
10 كرمه عليه السلام 36
11 كلماته عليه السلام ومواعظه 37
12 أولاده عليه السلام 54
13 * الإمام الحادي عشر أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام * نسبه الشريف وميلاده ووفاته 56
14 ألقابه وكنيته ونقش خاتمه 59
15 كرامته عليه السلام 61
16 من كلامه عليه السلام 62
17 أقوال العلماء في شأنه 65
18 أولاده عليه السلام 80
19 * الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر محمد بن الحسن المهدي عليه السلام * مستدرك من مات ليس عليه إمام ميتته جاهلية 83
20 لا يخلو وجه الأرض من قائم لله بحجة 84
21 مستدرك ان الخلفاء اثنا عشر خليفة كلهم من قريش 86
22 مستدرك يكون من بعدي اثنا عشر أميرا 94
23 الخلفاء بعدي اثنا عشر كنقباء بني إسرائيل 96
24 ولي الناس اثنا عشر رجلا كلهم من قريش 96
25 حديث الأئمة من ولدي 98
26 مستدرك الأئمة من قريش 101
27 مستدرك الأئمة من ولدي 103
28 ولادة المهدي ونسبه الشريف 104
29 كنية المهدي وألقابه الشريفة 108
30 سبب تسميته بالمهدي والقائم 110
31 المهدي يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وآله 114
32 ان اسم المهدي محمد عليه السلام 140
33 حديث: أبشري يا فاطمة فان المهدي منك 142
34 المهدي من بني هاشم 143
35 المهدي من آل محمد 143
36 المهدي من علي عليه السلام 144
37 مستدرك ان المهدى من ولد فاطمة 145
38 مستدرك المهدي منا أهل البيت 156
39 المهدي من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله 188
40 مستدرك المهدي مني - من ولدي 202
41 المهدي من الحسن والحسين عليهما السلام 209
42 المهدي من ولد الحسين الشهيد 212
43 المهدي يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا 214
44 المهدي تأوي إليه أمته كالنحلة إلى يعسوبها 237
45 لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي 238
46 المهدي يصلحه الله في ليلة واحدة 246
47 ان الله يقبض في رأس كل مائة سنة رجلا من أهل البيت يعلم الأمة أحكام الدين 248
48 المهدي شاب مربوع حسن الوجه 250
49 المهدي أزج أبلج أعين 251
50 المهدي في خده الأيمن خال 252
51 المهدي أجلى الجبين أقنى الأنف 253
52 حديث المهدي خليفة الله 258
53 حديث نحن معاشر بني عبد المطلب سادات أهل الجنة 261
54 المهدي طاوس أهل الجنة 266
55 حديث هذا الأمر في أصغرنا سنا وأجملنا ذكرا 268
56 ان الله فتح هذا الدين بعلي وإذا مات فسد الدين لا يصلحه إلا المهدي 269
57 مبايعة المهدي بين الركن والمقام 274
58 المهدي يصلي عيسى بن مريم خلفه 282
59 من كذب بالمهدي فقد كفر 301
60 مستدرك أفضل العبادة انتظار الفرج 303
61 قول أمير المؤمنين عليه السلام: أنظروا الفرج في ثلاث 305
62 سخاء المهدي وجوده وعدله 306
63 كلام بعض العامة في شأن جود المهدي وعدالته 314
64 حديث إذا خرج المهدي ألقى الله الغنى في قلوب المؤمنين 318
65 خشوع المهدي لله تعالى 319
66 تمطر الأرض أربعة وعشرون مطرة 321
67 لا يخرج المهدي حتى تطلع الشمس آية 321
68 تنكسف الشمس في شهر رمضان مرتان 322
69 إذا قام المهدي أشرقت الأرض بأنوارها 323
70 لا يخرج المهدي حتى يبصق بعضكم في وجه بعض 325
71 الصوت في رمضان والملحمة العظيمة بمنى 326
72 يكون في الناس شر طويل قبل قيام المهدي 326
73 خروج المهدي بعد هدم حائط مسجد الكوفة 327
74 انكساف القمر والشمس في رمضان 327
75 ينخسف القمر في شهر رمضان مرتان 328
76 لا يخرج المهدي حتى لا يبقى قيل ولا ابن قيل إلا هلك 328
77 من علائم الظهور قتل النفس الزكية 328
78 بيع الجارية بوزنها طعاما 329
79 يخرج المهدي في يوم عاشوراء 330
80 يخرج المهدي إذا قال الرجال الله الله قتل 332
81 براءة بعض من بعض والشهادة بالكفر 335
82 لا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابا 335
83 لا يبايع المهدي حتى يكفر بالله جهرا 336
84 خروج الشيباني والخراساني واليماني 336
85 خروج المهدي ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله 337
86 راية المهدي مكتوب فيها " البيعة لله " 338
87 أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك 339
88 المهدي يعمل بالحق حتى يموت 340
89 الفتن المظلمة تتبع بعضها بعضا 341
90 طلوع النجم من قبل المشرق 341
91 لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلاث ويموت ثلاث ويبقى ثلاث 344
92 المهدي خير من أبي بكر وعمر 345
93 المهدي يقسم خزائن البيت 346
94 المهدي يرضى عنه ساكن السماء والأرض 347
95 تتنعم الأمة في حكومة المهدي نعمة لم تنعمها قط 352
96 ينادي مناد من السماء أن الحق في آل محمد 358
97 إخبار علي عن ظهور المهدي 362
98 حديث ينادي من السماء: أميركم فلان 365
99 حديث ألا إن الأمير المهدي 371
100 حديث ألا إن صفوة الله من خلقه المهدي 374
101 حديث ألا إن أولياء الله أصحاب المهدي 376
102 جملة من علائم الظهور 377
103 حديث ينادى ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه 378
104 ينادى من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب 381
105 في شهر رمضان صوت وفي شوال همهمة 381
106 لينادين باسم رجل من السماء 382
107 من العلائم اختلاف بني العباس والنداء من السماء 383
108 تجيء الرايات السود من قبل المشرق 385
109 استخراج المهدي التابوت ومائدة بني إسرائيل وغيرهما 401
110 ظهور الدجال 404
111 من أنصار المهدي أصحاب الكهف 415
112 إذا قام المهدي يرد المسجد الحرام إلى ساحته 417
113 إن المهدي يدخل كل مدينة دخلها ذو القرنين 417
114 المهدي يفتح القسطنطينية والديلم ورومية 422
115 المهدي يبنى على ظهر الكوفة مسجدا 423
116 يصير الدنيا بعد المهدي هرجا 423
117 المهدي يومي إلى الطير فيسقط على يديه 425
118 حديث لن تهلك أمة أنا في أولها والمهدي في آخرها 427
119 المهدي يصلي عليه أهل الأرض وطير السماء 430
120 أنصار المهدي عليه السلام 431
121 يخرج رجل من وراء النهر يوطئ لآل محمد 441
122 أصحاب المهدي وعلائمهم 443
123 أمارة أنصار المهدى " أمت، أمت " 444
124 من أنصار المهدي شعيب بن صالح 448
125 مدة ملك المهدي بعد الخروج 457
126 أحاديث خروج السفياني 484
127 أحاديث الخسف بالبيداء 510
128 أحاديث مروية عن الأئمة في المهدي من طرق العامة 535
129 ما روي عن علي عليه السلام 535
130 ما روي عن الحسين بن علي عليه السلام 562
131 ما روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام 567
132 ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام 568
133 ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام 581
134 لا يخرج المهدي إلا في وتر من السنين 582
135 من كلمات علماء العامة في المهدي عليه السلام 583