فلسفتنا - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٢٢٢
السابق
في لحظة اثباته، فليست (أ هي أ) بصورة مطلقة، بل كل كائن هو نقيض ذاته ونفيها، كما يكون اثباتا لها، لأن كيانه متناقض بالصميم، ويحتوي على النفي والاثبات المتصارعين دائما، والمفجرين للحركة بهذا الصراع. ولم يحاول الماركسيون ان يبرهنوا على تناقضات الأشياء، أي على قانون الديالكتيك وأساسه الجدلي، الا بحشد من الأمثلة والظواهر، التي حاولوا ان يبرزوا بها تناقضات الطبيعة وجدلها. فالتناقض انما كان من قوانين المنطق الديالكتيكي، لان الطبيعة بنفسها متناقضة وديالكتيكية. بدليل ما يقدم لنا الحس، أو يكشف عنه العلم، من ضروب التناقض، التي تطيح بمبدأ عدم التناقض، وتجعله غير منسجم مع واقع الطبيعة وقوانينها، الحاكمة في مختلف ميادينها ومجالاتها.
وقد ألمعنا سابقا، إلى أن الماركسية لم تجد سبيلا لديناميكية الطبيعة، وجعل القوى الفعالة للحركة، محتوى داخليا لنفس المادة المتطورة، الا بأن تنطلق من التناقض، وتؤمن باجتماع النقائض في وحدة متطورة، تبعا لنضال تلك النقائض وصراعها.
فالمسألة في نظر الماركسية ذات حدين لا ثالث لهما: فاما ان نصوغ فكرتنا عن العالم، على المبدأ القائل بعدم التناقض، فلا يوجد النفي والاثبات، في صميم الأشياء، ولا يقوم فيها صراع المتناقضات. وبالتالي يتعين أن نفحص عن رصيد الحركة والتطور. في سبب أعلى من الطبيعة وتطوراتها. واما أن نشيد منطقنا على الاعتقاد بنفوذ التناقض، إلى صميم الأشياء، وتوحد الأضداد أو النفي والاثبات (1)، في كل كائن فتكون بذلك قد وجدنا سر التطور في التناقض الداخلي.

(١) يلاحظ في جميع النصوص الماركسية، انها تسيء استعمال كلمتي التناقض والتضاد، فتعتبرهما بمعنى واحد، مع ان الكلمتين ليستا مترادفتين في المصطلحات الفلسفية، فان التناقض هي حالة النفي والاثبات. والتضاد يعني إثباتين متعاكسين. فاستقامة الخط وعدم استقامته نقيضان، لأنهما من النفي والاثبات. واما استقامة الخط وانحناؤه فهما ضدان، ولا يصدق عليهما التناقض بمفهومه الفلسفي، لان كلا من الاستقامة والانحناء، ليس نفيا للآخر، وانما هو اثبات يقابل اثبات الآخر، وكذلك اساءت الماركسية فهم التضاد، أو استعمال كلمة التضاد، فاعتبرت الشيء المختلف عن الآخر ضدا له. فالفرخ ضد البيضة، والدجاجة ضد الفرخ، مع ان التضاد في المصطلحات الفلسفية، ليس مجرد اختلاف بين الأشياء فحسب. بل الضد هو الوصف الذي لا يمكن ان يجتمع مع الوصف الآخر في شيء واحد، ونحن نجري في الكتاب طبقا للاستعمالات الماركسية، لأجل التسهيل والتوضيح.
(٢٢٢)
التالي
الاولى ١
٣٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المؤلف 6
2 تمهيد... المسألة الاجتماعية 9
3 المذاهب الاجتماعية 10
4 الديموقراطية الرأسمالية 11
5 الاتجاه المادي في الرأسمالية 14
6 موضع الاخلاق من الرأسمالية 17
7 مآسي النظام الرأسمالي 18
8 الاشتراكية والشيوعية 22
9 الانحراف عن العملية الشيوعية 24
10 المؤاخذات على الشيوعية 26
11 التعليل الصحيح للمشكلة 30
12 كيف تعالج المشكلة 34
13 رسالة الدين 38
14 1 - نظرية المعرفة 47
15 1 - المصدر الأساسي للمعرفة 47
16 التصور ومصدره الأساسي 48
17 1 - نظريات الاستذكار الأفلاطونية 49
18 2 - النظرية العقلية 50
19 3 - النظرية الحسية 53
20 4 - نظرية الانتزاع 57
21 التصديق ومصدره الأساسي 58
22 1 - المذهب العقلي 59
23 2 - المذهب التجريبي 62
24 الماركسية والتجربة 75
25 التجربة والكيان الفلسفي 78
26 المدرسة الوضعية والفلسفة 81
27 الماركسية والفلسفة 86
28 2 - قيمة المعرفة 90
29 1 - آراء اليونان 92
30 2 - ديكارت 93
31 3 - جون لوك 97
32 4 - المثاليون 99
33 أ - المثالية الفلسفية 100
34 ب - المثالية الفيزيائية 110
35 ج - المثالية الفيزيولوجية 117
36 5 - أنصار الشك الحديث 118
37 6 - النسبيون 120
38 أ - نسبية كانت 121
39 ب - النسبية الذاتية 128
40 الشك العلمي 129
41 نظرية المعرفة في فلسفتنا 136
42 النسبية التطورية 140
43 التجربة والمثالية 140
44 التجربة والشيء في ذاته 147
45 الحركة الديالكتيكية في الفكر 154
46 أ - تطور الحقيقة وحركتها 158
47 اجتماع الحقيقة والخطأ 164
48 التعديلات العلمية والحقائق المطلقة 167
49 انتكاس الماركسية في الذاتية 170
50 2 - المفهوم الفلسفي للعالم 172
51 المفهوم الفلسفي 173
52 تصحيح أخطاء 174
53 ايضاح عدة نقاط 177
54 الاتجاه الديالكتيكي للمفهوم المادي 181
55 الديالكتيك أو الجدل 185
56 1 - حركة التطور 190
57 2 - تناقضات التطور 212
58 أ - ما هو مبدأ عدم التناقض؟ 216
59 ب - كيف فهمت الماركسية التناقض؟ 218
60 الهدف السياسي من الحركة التناقضية 230
61 3 - قفزات التطور 234
62 4 - الارتباط العام 244
63 نقطتان حول الارتباط العام 248
64 مبدأ العلية 254
65 العلية وموضوع الاحساس 254
66 العلية والنظريات العلمية 256
67 العلية والاستدلال 258
68 الميكانيكية والديناميكية 259
69 مبدأ العلية والميكروفيزياء 261
70 لماذا تحتاج الأشياء إلى علة 265
71 أ - نظرية الوجود 265
72 ب - نظرية الحدوث 267
73 ج و د - نظرية الامكان الذاتي والامكان الوجودي 267
74 التأرجح بين التناقض والعلية 270
75 التعاصر بين العلة والمعلول 272
76 المناقشة الكلامية 272
77 المعارضة الميكانيكية 273
78 النتيجة 275
79 المادة أو الله 278
80 المادة على ضوء الفيزياء 279
81 نتائج الفيزياء الحديثة 284
82 النتيجة الفلسفية من ذلك 285
83 مع التجريبيين 287
84 مع الديالكتيك 288
85 المادة والفلسفة 290
86 الجزء والفيزياء والكيمياء 295
87 الجزء والفلسفة 297
88 النتيجة الفلسفية 298
89 المادة والحركة 299
90 المادة والوجدان 301
91 المادة والفيزيولوجيا 302
92 المادة والبيولوجيا 303
93 المادة وعلم الوراثة 305
94 المادة وعلم النفس 306
95 الادراك 311
96 الادراك في مستوى الفيزياء والكيمياء 314
97 الادراك في مستوى الفيزيولوجيا 314
98 الادراك في البحوث النفسية 316
99 الادراك في مفهومه الفلسفي 320
100 الجانب الروحي من الانسان 326
101 المنعكس الشرطي والادراك 328