المدرسة الإسلامية - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٩٨
السابق
وتلك الحريات المصطنعة التي تزعمها شعوب الحضارات الغربية الحديثة. فقد استطاعت الأمة التي حررها القرآن _ حين دعاها في كلمة واحدة إلى اجتناب الخمر _ ان تقول لا، وتمحو الخمر من قاموس حياتها بعد أن كان جزءا من كيانها وضرورة من ضروراتها، لأنها كانت مالكة لإراداتها، حرة في مقابل شهواتها ودوافعها الحيوانية.
وبكلمة مختصرة: كانت تتمتع بحرية حقيقية تسمح لها بالتحكم في سلوكها.
واما تلك الأمة التي أنشأتها الحضارة الحديثة، ومنحتها الحرية الشخصية بطريقتها الخاصة فهي بالرغم من هذا القناع الظاهري للحرية، لا تملك شيئا من ارادتها ولا تستطيع ان تتحكم في وجودها، لأنها لم تحرر المحتوى الداخلي لها وانما استسلمت إلى شهواتها ولذاذاتها تحت ستار من الحرية الشخصية حتى فقدت حريتها إزاء تلك الشهوات واللذاذات، فلم تستطع أكبر حملة للدعاية ضد الخمر جندتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ان تحرر الأمة الأمريكية من الخمر، بالرغم من الطاقات المادية والمعنوية الهائلة التي جندتها السلطة الحاكمة ومختلف المؤسسات الاجتماعية في هذا السبيل.
وليس هذا الفشل المريع إلا نتيجة فقدان الإنسان الغربي للحرية الحقيقية فهو لا يستطيع ان يقول: لا، كلما اقتنع عقليا بذلك كالإنسان القرآني وانما يقول الكلمة حين تفرض عليه شهوته أن يقولها. ولهذا لم يستطع ان يعتق نفسه من أسر الخمر، لأنه لم يكن قد ظفر في ظل الحضارة الغربية بتحرير حقيقي في محتواه الروحي والفكري (1).
وهذا التحرير الداخلي أو البناء الداخلي لكيان الإنسان هو في رأي

(١) لاحظ مقالنا: الحرية في القرآن. الأضواء: العدد الأول: 2. (المؤلف قدس سره).
(٩٨)
التالي
الاولى ١
١٥٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية 4
2 كلمة المؤلف 5
3 الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية 9
4 مشكلة الإنسان اليوم 10
5 الإنسان ومعالجتها للمشكلة 18 رأي الماركسية 14
6 رأي المفكرين غير الماركسيين 17
7 الفرق بين التجربة الطبيعية والاجتماعية 18
8 أهم المذاهب الاجتماعية 28
9 الديمقراطية الرأسمالية 30
10 الحريات الأربع في النظام الرأسمالي 31
11 الاتجاه المادي في الرأسمالية 35
12 موضع الأخلاق من الرأسمالية 38
13 مآسي النظام الرأسمالي 39
14 الاشتراكية والشيوعية 45
15 النظرية الماركسية 46
16 الانحراف عن العملية الشيوعية 48
17 المؤاخات على الشيوعية 52
18 الإسلام والمشكلة الاجتماعية 56
19 التعليل الصحيح للمشكلة 57
20 كيف تعالج المشكلة؟ 62
21 رسالة الدين 68
22 موقف الإسلام من الحرية والضمان 75
23 الحرية والرأسمالية والإسلام 76
24 الحرية في الحضارة الرأسمالية 78
25 موقف الإسلام من الحرية 82
26 أقسام الحرية 84
27 الحرية في المجال الشخصي 85
28 الحرية في المجال الاجتماعي 90
29 المدلول الغربي للحرية السياسية 92
30 الحرية الاقتصادية بمفهومها الرأسمالي 95
31 الحرية الفكرية بمفهومها الرأسمالي 96
32 الضمان في الإسلام والماركسية 99
33 ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي؟ 102
34 مقدمة 104
35 توضيح السؤال 105
36 حاجتنا إلى هذا السؤال 105
37 الخطأ في فهم السؤال 105
38 تصحيح الخطأ بالتمييز المذهب والعلم 106
39 مثال على الفرق بين المذهب والعلم 106
40 التأكيد على أن الاقتصاد الإسلامي مذهب 106
41 وجهة النظر في الجواب 107
42 هل يوجد في الإسلام اقتصاد؟ 108
43 ما هو نوع الاقتصاد الإسلامي؟ 112
44 المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد 114
45 المثال الأول 115
46 المثال الثاني 118
47 المثال الثالث 119
48 استخلاص من الأمثلة السابقة 121
49 علم الاقتصاد والمذهب كالتأريخ والأخلاق 122
50 علم الاقتصاد كسائر العلوم 123
51 الفارق في المهمة لا في الموضوع 124
52 المذهب قد يكون إطارا للعلم 125
53 النتائج المستخلصة 127
54 المذهب لا يستعمل الوسائل العلمية 128
55 الاقتصاد الإسلامي كما نؤمن به 132
56 ما هي أكبر العقبات؟ 133
57 شمول الشريعة واستيعابها 135
58 التطبيق دليل آخر 138
59 المذهب يحتاج إلى صياغة 139
60 أخلاقية الاقتصاد الإسلامي 140
61 ماذا ينقص الاقتصاد الإسلامي عن غيره؟ 144