المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٦١
السابق
وقال عليه السلام: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر مصابنا فبكى وأبكى، لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (1).
وعن الريان بن شبيب (فيما أخرجه الشيخ الصدوق في العيون) قال:
دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم، فقال لي: يا ابن شبيب، إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها، ولا حرمة نبيها صلى الله عليه وآله، إذ قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، [فلا غفر الله لهم ذلك أبدا].
يا ابن شبيب، إن كنت باكيا لشئ، فابك للحسين عليه السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش (2)، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا (3) ما

(١) عيون الأخبار ١: ٢٢٩ ح ٤٨، أمالي الطوسي ١: ١١٧.
(٢) قال (رحمه الله): إن التعبير - كهذا - مما يدلك على غاية همجية القوم وشقائهم وبعدهم عن العطف الإنساني، بالإضافة على قتلهم ريحانة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهتكهم حرمته في سبطه روحي فداه.
وقد أجمل الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام لما أدى عن الفاجعة وأهميتها بهذا الكلام القصير، وأشار به إلى معنى جسيم يدركه الباحث المتعمق بعد التحليل والاختبار، ويندهش - المجموع البشري - لمثل هذه الرزية عندما علم أنه لم يوجد بين تلك الجموع المحتشدة في كربلاء من يردعهم عن موقفهم البغيض، ولا أقل من تسائل بعضهم، لماذا نقاتل الحسين، وبأي عمل استحق ذلك منا؟ أو هل كان دم الحسين عليه السلام مباحا إلى حد إباحة دم الكبش؟! ويذبح - بأبي هو وأمي - بلا ملامة لائم، ومن دون خشية محاسب!!
(٣) أقول: لقد كثر اختلاف المؤرخين وأرباب المقاتل في تحديد عدد شهداء الطف من أهل البيت عليهم السلام - كاختلافهم الكثير في تحديد شهداء الأصحاب أيضا - فبين مقل إلى حد الثلاثة عشر، كالمسعودي في مروجه (٣: ٧١)، وبين مكثر إلى حد الثلاثين كالأمين في أعيانه (٤ ق ١: ٢٥٠).
وفي البحار (٤٥: ٦٣) رواية عبد الله بن سنان تؤيد ذلك، وبين هذين القولين من جانبي القلة والكثرة أقوال أخرى.
فالمشهور بين المؤرخين وأرباب المقاتل: أنهم (١٧ شهيدا) غير الحسين عليه السلام، كما ورد تعداد أسمائهم في زيارة الناحية المقدسة، وقد أوردها المجلسي بنصها عن الإقبال في بحاره (٤٥:
٦٥)، ويؤيده قول محمد بن الحنفية - من حديث له -: " ولقد قتل مع الحسين سبعة عشر ممن ارتكضوا في رحم فاطمة " - ويعني: فاطمة بنت أسد أم علي وجعفر وعقيل، فإن شهداء الطف من أهل البيت ينتمون إلى هؤلاء الثلاثة أولادا أو أحفادا -، ذكر ذلك الطبراني في معجمه (١: ١٤٠)، والمقريزي في خططه (٢: ٢٨٦)، وابن حجر في تهذيبه (١: ١٥٦).
وقال الدميري في حياة الحيوان (١: ٦٠) إنهم: (١٨ رجلا)، وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي (٢٥٥) إنهم: (١٩ رجلا)، ويضيف إليهم اثنين برواية المدائني فيكون المجموع (٢١ قتيلا).
وفي تاريخ الطبري (٥: ٣٨٢) إنهم: (٢١ رجلا)، وهذا القول يلتقي مع قول ابن الجوزي برواية المدائني، ويقترب من قول أبي الفرج في مقاتله (٦٧) حيث يقول: " فجميع من قتل يوم الطف من ولد أبي طالب سوى من يختلف في أمره اثنان وعشرون رجلا ".
ويكاد يتفق الخوارزمي في مقتله (٢: ٤٧) وابن شهرآشوب في مناقبه (٤: ١١٢) - وكلاهما من أبناء القرن السادس الهجري - في النسبة إلى الأكثر بأن مجموع القتلى من أهل البيت عليهم السلام لا يتجاوز السبعة والعشرين.
وأخيرا، فالذي يرجح عندنا - بعد أن استعرضنا الكثير من المصادر المعتبرة - هو القول الوسط - وهو النيف والعشرون، بل الاثنان والعشرون بالضبط - باستثناء الحسين عليه السلام - إذ القولان المتطرفان في القلة والكثرة لا يساعد عليهما الاعتبار وعامة النصوص التاريخية المعتبرة.
(٦١)
التالي
الاولى ١
٣٤٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 4
2 ترجمة المؤلف 6
3 ولادته ونشأته 6
4 دراسته العلمية 6
5 عودته إلى جبل عامل 7
6 أسفاره 8
7 مؤلفاته 9
8 وفاته ومدفنه 11
9 عملنا في الكتاب 12
10 المقدمة الزاهرة لكتاب المجالس الفاخرة 15
11 مقدمة المؤلف 16
12 المطلب الأول: في البكاء 18
13 المطلب الثاني: في رثاء الميت بالقريض 30
14 المطلب الثالث: في تلاوة الأحاديث المشتملة على مناقب الميت ومصائبه 42
15 المطلب الرابع: في الجلوس حزنا على الموتى من أهل الحفائظ والأيادي المشكورة 45
16 المطلب الخامس: في الانفاق عن الميت في وجوه البر والاحسان 48
17 فصل 50
18 فصل 82
19 المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة 110
20 التعريف الكتاب 111
21 مقدمة الكتاب 114
22 المجلس الأول: في البكاء 115
23 المجلس الثاني: في الرثاء 125
24 المجلس الثالث: في تلاوة الأحاديث 136
25 المجلس الرابع: في الجلوس حزنا على الموتى 142
26 المجلس الخامس: في الانفاق صدقة عن الميت 148
27 * الفصل الأول فيما يتلى بتمامه صبيحة العاشر من المحرم، ويتلى مجالس متعددة في سائر أيام العشر، أو في باقي أيام السنة، فهو ليوم العاشر مجلس واحد، ولغيره اثنا عشر مجلسا 154
28 المجلس الأول 155
29 المجلس الثاني 162
30 المجلس الثالث 167
31 المجلس الرابع 171
32 المجلس الخامس 180
33 المجلس السادس 186
34 المجلس السابع 193
35 المجلس الثامن 198
36 المجلس التاسع 211
37 المجلس العاشر 216
38 المجلس الحادي عشر 220
39 المجلس الثاني عشر 226
40 الفصل الثاني في هدي النبي صلى الله عليه وآله وسيرته وذكر خصائصه المقدسة 236
41 المجلس الثالث عشر 237
42 المجلس الرابع عشر 243
43 المجلس الخامس عشر 247
44 المجلس السادس عشر 251
45 المجلس السابع عشر 256
46 المجلس الثامن عشر 261
47 المجلس التاسع عشر 264
48 المجلس العشرون 268
49 المجلس الحادي والعشرون 271
50 المجلس الثاني والعشرون 274
51 المجلس الثالث والعشرون 278
52 المجلس الرابع والعشرون 283
53 الفصل الثالث في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه وارشاداته 287
54 المجلس الخامس والعشرون 288
55 المجلس السادس والعشرون 294
56 المجلس السابع والعشرون 297
57 المجلس الثامن والعشرون 302
58 المجلس التاسع والعشرون 305
59 المجلس الثلاثون 308
60 المجلس الحادي والثلاثون 311
61 المجلس الثاني والثلاثون 314
62 المجلس الثالث والثلاثون 318
63 المجلس الرابع والثلاثون 321