أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ٣١٦
السابق
بقوله: [إلا أن تتقوا منهم تقاة] (1)، وقوله: [إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان] (2).
وقصة عمار وأبويه، وتعذيب المشركين لهم ولجماعة من الصحابة، وحملهم لهم على الشرك وإظهارهم الكفر مشهورة (3).
والعمل بالتقية له أحكامه الثلاثة:
فتارة: يجب، كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة.
وأخرى: يكون رخصة، كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له، فله أن يضحي بنفسه، وله أن يحافظ عليها.
وثالثة: يحرم العمل بها، كما لو كان ذلك موجبا لرواج الباطل، وإضلال الخلق، وإحياء الظلم والجور.
ومن هنا تنصاع لك شمس الحقيقة ضاحية، وتعرف أن اللوم والتعيير بالتقية إن كانت تستحق اللوم والتعيير ليس على الشيعة، بل على من سلبهم موهبة الحرية، وألجأهم إلى العمل بالتقية.
تغلب معاوية على الأمة، وابتزها الإمرة عليها بغير رضا منها، وصار يتلاعب بالشريعة الاسلامية حسب أهوائه، وجعل يتتبع شيعة علي، ويقتلهم تحت كل حجر، ويأخذ على الظنة والتهمة (4)، وسارت على طريقته العوجاء،

(١) آل عمران ٣: ٢٨.
(٢) النحل ١٦: ١٠٦.
(٣) راجع: التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي ٦: ٤٢٨، مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي ٣: ٣٨٧، جامع البيان للطبري ١٤: ١٢٢، التفسير الكبير للرازي ١٩:
١٢٠، الكامل في التأريخ لابن الأثير ٢: ٦٠.
(٤) روى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة (١١: ٤٤) عن أبي الحسن علي ابن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث: أن معاوية بن أبي سفيان كتب نسخة إلى عماله بعد عام الجماعة [بل هو والله عام تفرق المسلمين وضياعهم]: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته [عليه وعليهم آلاف التحية والسلام]. فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر، يلعنون عليا ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته [أي في أهل ذلك البيت الطاهرين الذين أذهب الله عنه الرجس وطهرهم تطهيرا، أولئك الذين جعل الله تعالى أجر الرسالة والهداية مودتهم، أولئك الذين جعلهم رسول الله صلى الله عليه وآله عدلاء القرآن.. و.. و، ولكنك تجد من يعد معاوية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله العدول، وخليفة له، بل ويترحم عليه، وتلك والله أم المصائب، وعظيمة العظائم].
وأضاف: وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليها [أي معاوية بن هند] زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، فكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف.. فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم، وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة!.
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطائه ورزقه!.
وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم [أي أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله] فنكلوا به، واهدموا داره...
(٣١٦)
التالي
الاولى ١
٣٩١ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة التحقيق 7
3 متن الكتاب 110
4 مقدمة الطبعة الثانية 111
5 مقدمة الطبعة السابعة 125
6 مدخل الطبعة الأولى 132
7 مناقشة الدكتور أحمد أمين في تقولاته 134
8 الشيعة من الصحابة 139
9 الشيعة من التابعين 142
10 مؤسسو علم النحو من الشيعة 144
11 مؤسسو علم التفسير من الشيعة 144
12 مؤسسو علم الحديث من الشيعة 144
13 مؤسسو علم الكلام من الشيعة 145
14 مؤسسو علم السير والآثار من الشيعة 146
15 مؤرخو الشيعة 146
16 شعراء الشيعة 147
17 الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة 151
18 الحديث عن الرجعة 156
19 الجنة لمن أطاع والنار لمن عصى 157
20 فرق الغلاة المنقرضة 160
21 الحديث عن عبد الله بن سبأ 166
22 نشأة التشيع 170
23 عقائد الشيعة أصولا وفروعا 193
24 وظائف العقل 200
25 التوحيد 201
26 النبوة 202
27 الإمامة 203
28 العدل 211
29 المعاد 214
30 وظيفة القلب والجسد 214
31 تمهيد وتوطئة 215
32 الصلاة 221
33 الصوم 224
34 الزكاة 225
35 الزكاة الفطرة 226
36 الخمس 227
37 الحج 229
38 الجهاد 231
39 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 233
40 المعاملات 234
41 عقود النكاح 235
42 نكاح المتعة 235
43 الطلاق 260
44 الخلع والمباراة 265
45 الظهار والايلاء واللعان 266
46 الفرائض والمواريث 267
47 الوقوف والهبات والصدقات 270
48 القضاء والحكم 272
49 الصيد والذباحة 275
50 ظريفة 277
51 الأطعمة والأشربة 278
52 الحدود 281
53 حد الزنا 281
54 حد اللواط والسحق 282
55 حد القذف 282
56 حد المسكر 283
57 حد المحارب 284
58 حدود مختلفة 284
59 القصاص والديات 286
60 الخاتمة 290
61 البداء 290
62 التقية 292
63 ملحقات الكتاب 298