المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ٤٦
السابق
ثم زعموا أن للبارئ بكونه موجودا حالا زائدة على حقيقته المقدسة.
ونحن نمنع من ذلك كله، ونقول: إن معنى كونه تعالى موجودا أنه حقيقة وذات في الخارج، وكذا كل ذات نصفها بالوجود لا نعطيها زيادة على هذا المعنى.
والدليل على ذلك، أنه لو كان الموجود زائدا على الذات لكان لا يخلو إما أن يتصف بالوجود، فيكون للوجود وجود، أو لا يتصف به فيكون نفس العدم، أو يكون لا موجودا ولا معدوما فيجتمع فيه النقيضان، والكل محال.
فإن امتنعوا من إجراء الوجود على الحال كان ذلك تعصيا غير مقبول، لأن على تقدير كون الحقيقة ثابتة فتأثير المؤثر في جعلها حقيقة محال، لأنه تحصيل الحاصل، فلا بد أن يكون تأثيره في الوجود، فإن لم يكن الوجود شيئا مفروضا استحال تأثير المؤثر فيه، وإن كان شيئا زائدا وردت عليه الأقسام ضرورة، فالامتناع بعد ذلك من إجراء لفظ الوجود عليه مع كونه في الحقيقة أثرا للفاعل باطل.
فإن قالوا: التأثير في جعل الذات موجودة. قلنا: فلننقل الكلام إلى ذلك الجعل، فإن كان زائدا على الذات - وهو أثر المؤثر - لزمت المحذورات التي أشرنا إليها، وإن لم يكن زائدا استحال تأثير المؤثر فيه، فلا يكون له أثرا في جعل الحقيقة حقيقة وهو المطلوب.
ثم الدليل على أنه تعالى موصوف بذلك تأثيره في الموجودات، والتأثير لا يحصل مع العدم. (20)

(20) قال الشيخ الطوسي رحمه الله: وقول من قال: صحة الفعل تدل على أن من صح منه الفعل قادر حي موجود، فلا يحتاج إلى جميع ذلك، [أي الاستدلال لكونه موجودا مثلا] فاسد، لأن النظر في دليل واحد من وجه واحد لا يجوز أن يولد أكثر من علم واحد... وهذه العلوم متغايرة، ألا ترى أنه يعلمه موجودا من لا يعلمه حيا، ويعلمه حيا موجودا من لا يعلمه قادرا، فعلم بذلك أن هذه العلوم متغايرة، وكذلك يصح أن يعلمه قادرا وإن لم يعلمه حيا موجودا إذا كان الكلام في القديم تعالى، وإنما يستحيل ذلك فينا، لأنه إذا علم صحة الفعل من الواحد منا فقد علم وجود ذات ضرورة، فلا يصح أن يعلمها قادرة ولا يعلمها موجودة، فأما القديم تعالى فيصح ذلك فيه على ما قلناه من أنه لا يثبت من النظر في دليل واحد من وجه واحد أكثر من علم واحد... تمهيد الأصول 39.
(٤٦)
التالي
الاولى ١
٣١٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حياة المحقق الحلي 4
2 ولادته 4
3 اسمه وكنيته ولقبه ونسبه 4
4 أبوه وجده 4
5 الثناء عليه 5
6 بعض مشايخه 14
7 بعض تلامذته 15
8 تأليفاته 16
9 وفاته 17
10 نسخ هذين الكتابين 18
11 مقدمة المؤلف 30
12 النظر الأول: في التوحيد 33
13 المطلب الأول: في اثبات العلم بالصانع 34
14 المطلب الثاني: في ما يوصف به سبحانه من الصفات الثبوتية 37
15 القسم الأول من الصفات وهو على أربعة أوصاف 37
16 الوصف الأول 37
17 الوصف الثاني 39
18 الوصف الثالث 40
19 الوصف الرابع 40
20 القسم الثاني من الصفات 42
21 القسم الثالث 46
22 المطلب الثالث: في ما ينفى عنه من الصفات 49
23 من لواحق الكلام في الصفات 67
24 النظر الثاني: في أفعاله سبحانه وتعالى 70
25 البحث الأول: في أنا فاعلون خلافا للأشاعرة والكلابية 71
26 البحث الثاني: في الحسن والقبح العقلي 78
27 البحث الثالث: في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب 81
28 البحث الرابع: في فروع العدل وفيه أربعة مطالب 85
29 المطلب الأول: في التكليف 85
30 المقام الأول: في حسنه 86
31 المقام الثاني: في ما يتناوله التكليف 88
32 المقام الثالث: في الألطاف 93
33 المطلب الثاني: الكلام الآلام والأعواض 97
34 فائدة 98
35 المطلب الثالث: في الآجال والأرزاق والأسعار 104
36 المطلب الرابع: في الوعد والوعيد 108
37 المقصد الأول: المطيع يستحق بطاعته الثواب 110
38 المقصد الثاني: في ما يسقط المستحق من العقاب 115
39 المقصد الثالث: في إيصال المستحق وفيه بحثان 123
40 البحث الأول 124
41 المقام الأول: هل الفناء معنى يضاد الجواهر؟ 124
42 المقام الثاني: في كيفية الفناء 125
43 البحث الثاني: في كيفية الإعادة وفيه فصلان 128
44 الفصل الأول: الكلام في عذاب القبر والميزان والصراط 131
45 الفصل الثاني: في عقاب الفاسق وما يطلق عليه من الأسماء 135
46 النظر الثالث: في النبوات 143
47 البحث الأول: النبي هو البشري المخبر عن الله تعالى 143
48 البحث الثاني: في صفات النبي 144
49 البحث الثالث: في ما يستدل به على صدق مدعى النبوة 151
50 المطلوب من هذا الباب 162
51 وأما المعجزات المنقولة التي هي سوى القرآن فكثيرة 166
52 النظر الرابع: في الإمامة 175
53 البحث الأول: في حقيقة الإمامة ووجوبها 175
54 البحث الثاني: في صفات الإمام 186
55 البحث الثالث: في الطريق إلى تعيين الإمام 198
56 المقصد الأول: في تعيين الإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم 202
57 الدليل الأول 203
58 الدليل الثاني 207
59 الدليل الثالث 208
60 الدليل الرابع 209
61 الدليل الخامس 229
62 أدلة أخرى على إمامة علي - عليه السلام - 236
63 رد الأدلة التي أقاموها لإمامة أبي بكر 240
64 تفضيل علي - عليه السلام - 251
65 رد تفضيل أبي بكر 258
66 المقصد الثاني: في الدلالة على إثبات (إمامة) الأئمة بعد علي - عليه السلام - 260
67 المقصد الثالث: في مباحث متعلقة بالغيبة 264
68 المقصد الرابع: يشتمل على مباحث 273
69 البحث الأول: الملائكة معصومون 273
70 البحث الثاني: فاطمة - عليها السلام - معصومة 274
71 البحث الثالث: الباغي على علي - عليه السلام - 275
72 البحث الرابع: الأنبياء أفضل من الملائكة 276
73 الرسالة الماتعية 279
74 الفصل الأول: في معرفة الله تعالى 281
75 الفصل الثاني: في أنه تعالى حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب 286
76 الفصل الثالث: في النبوة 290
77 الفصل الرابع: في الإمامة 293