المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ١١٠
السابق
وقال آخرون: يحسن لمجرد اللطف، وقال المرتضى: لا يحسن إلا لمجموع العوض واللطف.
واحتج لذلك بأن العوض يخرج الألم من كونه ظلما، واللطف من كونه عبثا.
واحتج أبو علي على كون النفع كافيا، بأنه يوصل إلى نفع لا يوصل إليه إلا بالألم، فكان حسنا. بيان ذلك أنه لو ابتدأ بذلك النفع لكان تفضلا، وقد يأبى الإنسان قبول التفضل، أما إذا كان مستحقا، فإن أحدا لا يترفع عنه.
وقد أجيب عن ذلك، بأنا لا نسلم أن المنافع التي يتفضل بها الله تعالى يترفع أحد عنها، وإنما يسوغ ذلك الفرض في المماثل والمقارب.
احتج من أجاز فعل الألم لمجرد اللطف، بأنه لا فرق بين أن تكون المنفعة في مقابلة الألم، وأن تكون في ما يكون الألم لطفا ووصلة إليه. ألا ترى أنه يسوغ تحمل مشاق الأسفار لحصول الزيادة في أثمان الأمتعة، وإن كان النفع ليس في مقابلة السفر. ثم يتأكد ذلك وضوحا في ما إذا كان اللطف عائدا إلى المولم، وبيان ذلك، أن من علم أن ولده لا يتعلم العلم في بلده، وإذا أحوجه إلى تحمل الغربة (130) والانفراد عن شواغل معارفه من أهل بلده، كان باعثا على تعلمه، فإنه يحسن أن يلزمه ذلك، ولا يجب عليه عوض في مقابلة ذلك الألم، ولا وجه لحسنه إلا كونه لطفا في التعلم، وهذا الوجه قوي، وهو المعتمد. (130)

(١٣٠) في الأصل: القربة بالقاف.
(١٣١) والوجه في حسن إيلام الأطفال كونه لطفا للعقلاء، وفي البهائم كونه كذلك وللانتفاع به في الدنيا، فيخرج ذلك عن حد العبث، وعليه عوض يخرجه عن كونه ظلما. تقريب المعارف لأبي الصلاح ص ٩٠ وقال أبو الصلاح في الكافي ص ٥٨: والوجه في إيلام الأطفال والحمل على البهائم، وذبح الحيوان، واستخدام الرقيق، ما في ذلك من الإحسان إلى المكلفين بالانتفاع بما يصح ذلك فيه، ويجوز أن ينضم إليه أن يكون لطفا، وما لا نفع فيه من إيلام الأطفال، الوجه فيه كونه لطفا للمكلفين، ولكل مولم من هؤلاء الأحياء عوض عظيم على إيلامه، ويخرجه عن صفته إلى حيز الإحسان، كتعويض الملدوغ بالإبرة الضياع النفيسة والأموال العظيمة، فيخرج إيلامهم بالغرض عن قبيل العبث، وبالعوض عن صفة الظلم، وقلنا ذلك، لأن فعل هذه الآلام بغير عوض ظلم، وبمجرد العوض عبث ولا يجوزان عليه سبحانه.
وقال الشيخ المفيد في أوائل المقالات ص ٩١: أقول: إنه واجب في جود الله تعالى وكرمه تعويض البهائم على ما أصابها من الآلام في دار الدنيا، سواء كان ذلك الألم من فعله جل اسمه، أو من فعل غيره، لأنه إنما خلقها لمنفعتها، فلو حرمها العوض على ألمها لكان قد خلقها لمضرتها، والله يجل عن خلق شئ لمضرته، وإيلامه لغير نفع يوصله إليه، لأن ذلك لا يقع إلا من سفيه ظالم، والله سبحانه عدل كريم حكيم عالم...
وراجع الذخيرة في علم الكلام للسيد المرتضى ص 211 - 234 ففيه بحث مستوفى في الآلام.
(١١٠)
التالي
الاولى ١
٣١٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حياة المحقق الحلي 4
2 ولادته 4
3 اسمه وكنيته ولقبه ونسبه 4
4 أبوه وجده 4
5 الثناء عليه 5
6 بعض مشايخه 14
7 بعض تلامذته 15
8 تأليفاته 16
9 وفاته 17
10 نسخ هذين الكتابين 18
11 مقدمة المؤلف 30
12 النظر الأول: في التوحيد 33
13 المطلب الأول: في اثبات العلم بالصانع 34
14 المطلب الثاني: في ما يوصف به سبحانه من الصفات الثبوتية 37
15 القسم الأول من الصفات وهو على أربعة أوصاف 37
16 الوصف الأول 37
17 الوصف الثاني 39
18 الوصف الثالث 40
19 الوصف الرابع 40
20 القسم الثاني من الصفات 42
21 القسم الثالث 46
22 المطلب الثالث: في ما ينفى عنه من الصفات 49
23 من لواحق الكلام في الصفات 67
24 النظر الثاني: في أفعاله سبحانه وتعالى 70
25 البحث الأول: في أنا فاعلون خلافا للأشاعرة والكلابية 71
26 البحث الثاني: في الحسن والقبح العقلي 78
27 البحث الثالث: في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب 81
28 البحث الرابع: في فروع العدل وفيه أربعة مطالب 85
29 المطلب الأول: في التكليف 85
30 المقام الأول: في حسنه 86
31 المقام الثاني: في ما يتناوله التكليف 88
32 المقام الثالث: في الألطاف 93
33 المطلب الثاني: الكلام الآلام والأعواض 97
34 فائدة 98
35 المطلب الثالث: في الآجال والأرزاق والأسعار 104
36 المطلب الرابع: في الوعد والوعيد 108
37 المقصد الأول: المطيع يستحق بطاعته الثواب 110
38 المقصد الثاني: في ما يسقط المستحق من العقاب 115
39 المقصد الثالث: في إيصال المستحق وفيه بحثان 123
40 البحث الأول 124
41 المقام الأول: هل الفناء معنى يضاد الجواهر؟ 124
42 المقام الثاني: في كيفية الفناء 125
43 البحث الثاني: في كيفية الإعادة وفيه فصلان 128
44 الفصل الأول: الكلام في عذاب القبر والميزان والصراط 131
45 الفصل الثاني: في عقاب الفاسق وما يطلق عليه من الأسماء 135
46 النظر الثالث: في النبوات 143
47 البحث الأول: النبي هو البشري المخبر عن الله تعالى 143
48 البحث الثاني: في صفات النبي 144
49 البحث الثالث: في ما يستدل به على صدق مدعى النبوة 151
50 المطلوب من هذا الباب 162
51 وأما المعجزات المنقولة التي هي سوى القرآن فكثيرة 166
52 النظر الرابع: في الإمامة 175
53 البحث الأول: في حقيقة الإمامة ووجوبها 175
54 البحث الثاني: في صفات الإمام 186
55 البحث الثالث: في الطريق إلى تعيين الإمام 198
56 المقصد الأول: في تعيين الإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم 202
57 الدليل الأول 203
58 الدليل الثاني 207
59 الدليل الثالث 208
60 الدليل الرابع 209
61 الدليل الخامس 229
62 أدلة أخرى على إمامة علي - عليه السلام - 236
63 رد الأدلة التي أقاموها لإمامة أبي بكر 240
64 تفضيل علي - عليه السلام - 251
65 رد تفضيل أبي بكر 258
66 المقصد الثاني: في الدلالة على إثبات (إمامة) الأئمة بعد علي - عليه السلام - 260
67 المقصد الثالث: في مباحث متعلقة بالغيبة 264
68 المقصد الرابع: يشتمل على مباحث 273
69 البحث الأول: الملائكة معصومون 273
70 البحث الثاني: فاطمة - عليها السلام - معصومة 274
71 البحث الثالث: الباغي على علي - عليه السلام - 275
72 البحث الرابع: الأنبياء أفضل من الملائكة 276
73 الرسالة الماتعية 279
74 الفصل الأول: في معرفة الله تعالى 281
75 الفصل الثاني: في أنه تعالى حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب 286
76 الفصل الثالث: في النبوة 290
77 الفصل الرابع: في الإمامة 293