كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٣٨
السابق
الإمام يودع أهله ثانية:
ودع الإمام عياله ثانية، وأمر بالصبر، وطلب منهم أن يستعدوا للبلاء، وقال: اعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم، وسينجيكم من شر الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعوضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة فلا تشكوا، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من أقداركم ".
عمر بن سعد يصدر أمرا عسكريا جديدا ودعاء للإمام:
قال عمر بن سعد: ويحكم اهجموا عليه ما دام مشغولا بنفسه وحرمه، والله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم، فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت السهام بين أطناب الخيم، فحمل عليهم الإمام كالليث الغضبان فلا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه، فقتله، والسهام تأخذ من كل ناحية وهو يتقيها بصدره ونحره، ثم رجع إلى مركزه وأكثر من قول: " لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم " وطلب في هذه الحال ماء، فقال شمر بن ذي الجوشن: لا تذوقه حتى ترد النار!!
وناداه رجل: يا حسين ألا ترى الفرات كأنه بطون الحيات، فلا تشرب منه حتى تموت عطشا، فقال الحسين: " اللهم أمته عطشا، فكان ذلك الرجل يطلب الماء فيؤتى به حتى تخرج من فيه وما زال كذلك إلى أن مات عطشا " (1).
ورماه أبو الحتوف الجعفي بسهم في جبهته، فنزعه وسالت الدماء على وجهه، فقال الإمام: " اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عباد هؤلاء العصاة، اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ولا تغفر لهم أبدا ".
وصاح الحسين بأعلى صوته: " يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة ثم ينتقم لي منكم من

(١) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني ص 47.
(٣٣٨)
التالي
الاولى ١
٣٤٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 10
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 11
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 25
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 35
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 42
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 50
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 51
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 63
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 94
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 115
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 135
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 136
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 159
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 178
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 201
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 227
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 253
20 الفصل الأول: المواجهة 254
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 262
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 270
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 283
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 288
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 314