كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٧٤
السابق
مسؤوليته، مما يجعلنا نقطع بأن أمير المدينة قد تلقى أمرا مباشرا من يزيد في دمشق.
فإذا كان الخليفة وأركان دولته يهدمون دول الهاشميين الذين بقوا في المدينة، فماذا عسى يزيد وجنوده أن يفعلوا بأخوة الحسين وأبناء الحسين، وبنات الرسول لو ظفروا بهم!!! فمن المؤكد أنه سيذبح الرجال والأبناء ويستحي النساء!!! ويزيد وأبوه اخترعا هدم الدور كفن من فنون التنكيل بخصومهم، وقد رأينا أن معاوية أصدر أمرا لكل ولاة أقاليم مملكته جاء فيه وبالحرف: " من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم - يعني أهل بيت النبوة - فنكلوا به واهدموا داره " (1).
بمعنى أن الحسين إن ترك ذريته وأطفاله خلفه، فإن كل الاحتمالات الرهيبة واردة، ثم إن الشخص من عامة الناس لا يقبل أن ينجوا بنفسه وأن يترك أولاده من خلفه تحت رحمة عدوه، فكيف بالإمام الحسين الذي يحمل أكبر القلوب وأنبل العواطف كيف يتركهم تحت رحمة الأمويين وأتباعهم.
وما الذي يمنعهم من أن يهدموا دار الحسين، ودور إخوته على رؤوس من فيها وهم أحياء!!.
وما الذي يمنع يزيد من أن يعلن بأنه سيقتل كل يوم واحدا من أبناء الحسين أو إخوته أو أبناء إخوته ما لم يأت الحسين صاغرا ويسلم نفسه!! وما الذي يمنعه من أن يسبي بنات الرسول!!!، فكل شنيع، وكل قبيح، وكل رذيل من الأعمال محتمل جدا من الطاغية وجنوده، فيزيد، مدمن بالعنف، وبالرعب، تربى في بيئة الإدمان على العنف والرعب!!! إنك لا تستطيع أن تتصور أن أكلة لحوم البشر يمكن أن يفعلوا كما فعلت هند جدته بمعنى أنهم رضعوا الإدمان على العنف والقتل والرعب فصار هذا الإدمان مظهرا عاديا من مظاهر حياتهم.
ثم أي عار في الدنيا يمكن أن يلحق بمن يتخلى عن فلذات كبده وأحب الناس إلى قلبه لينجو بنفسه!!! وكيف يتقول الناس عندما يعلمون أن ابن بنت

(1) راجع شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 595 - 596 نقلا عن كتاب الأحداث للمدائني.
(١٧٤)
التالي
الاولى ١
٣٤٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 10
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 11
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 25
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 35
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 42
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 50
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 51
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 63
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 94
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 115
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 135
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 136
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 159
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 178
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 201
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 227
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 253
20 الفصل الأول: المواجهة 254
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 262
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 270
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 283
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 288
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 314