كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٤
السابق
بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي ابنيك الحسن والحسين يوم بويع لأبي بكر... " (1) فالأنصار لم تنصر أهل بيت النبوة بعد يوم واحد من وفاة النبي، فهل يعقل أن تستجيب الأنصار للحسين وحده!!! ثم إن الأنصار قد سمعت بموقف الإمام الحسين، وتجاهلت الأمر، وتظاهرت كأنها لم تسمع، وإن نسي الإمام الحسين فلن ينسى يوم حرمت أمه من ميراث أبيها، وصودرت المنح التي أعطيت لها حال حياة أبيها، ومنعت الخمس المخصص لذوي القربى، وطالبت بحقها أمام المهاجرين والأنصار فلم يدعمها أحد، ولو بكلمة واحدة. إنما وقف الجميع يتفرجون على صراع السيدة مع الخليفة وأركان دولته، وكان بوسعهم أن يأمروا على الأقل بالمعروف وينهوا عن المنكر باللسان وهذا أبسط ما على الإنسان.
والخلاصة أن الإمام الحسين كان واثقا ثقة مطلقة بأن أهل المدينة لن يحموه، ولن يحموا موقفه، ولن يحموا أهل بيت النبوة وأن الخليفة يزيد بن معاوية لو كلفهم بحرق بيت الحسين على من فيه لأطاعته الطائفة التي كلفها بالحرق، ولبقيت الطائفة الأخرى تتفرج، لهذه الأسباب مجتمعة ومنفردة قرر الإمام الحسين أن يترك المدينة وجوار جده العظيم وهو كاره. أنظر إلى قوله ومناجاته لجده: " وأنا خارج من جوارك وعلى الكراهية، فعليك مني السلام " (2).
كان الإمام الحسين يشعر أنه في قوم فرعون، وتحت حكم شبيه بحكمه، أنظر إليه وهو يردد الآية نفسها التي رددها موسى عندما خرج من عاصمة فرعون وخرج الإمام الحسين ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين ببنيه وإخوته وبني أخيه وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية وهو يتلو هذه الآية: * (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) * [القصص / 21] (3) وتابع الحسين حالة التمثل بموسى، فلما وصل إلى مكة قرأ آية: * (ولما توجه تلقاء مدين قال

(١) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٦٧، ووقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ١٨٢.
(٢) راجع منتخب الطريحي ص ٤١٠ وينابيع المودة ص ٤٠١.
(٣) أشار إلى قراءته للآية المفيد في الإرشاد والطبري في تاريخه ج ٣ ص ٢٧٢، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٣١ والعوالم ج ١٧ ص ١٨١ وينابيع المودة ص ٤٠٢ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٨٨.
(١٥٤)
التالي
الاولى ١
٣٤٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 10
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 11
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 25
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 35
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 42
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 50
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 51
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 63
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 94
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 115
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 135
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 136
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 159
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 178
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 201
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 227
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 253
20 الفصل الأول: المواجهة 254
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 262
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 270
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 283
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 288
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 314