حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٣٨٢
السابق
الصاعقة، فشغبوا في بغداد، وأخرجوا الحسن بن سهل منها، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي، المعروف، بابن شكلة المغني، الذي كان عاملا للمأمون على البصرة (1) والذي كان من ألد أعداء الإمام علي بن أبي طالب وولده..
وموقف بغداد هذا لم يكن ليخفى على أحد، فكيف يخفى على المأمون، وقد رأينا: أن الإمام نفسه يخبر المأمون: بأن الناس - يعني العباسيين، ومواليهم (2) - ينقمون عليه مكان الإمام منه، ومكان بيعته له بولاية العهد (3).
والفضل بن سهل أيضا قال للمأمون: ".. ثم أحدثت هذا الحدث الثاني إنك جعلت ولاية العهد لأبي الحسن، وأخرجتها من بني أبيك.
والعامة والعلماء، والفقهاء، وآل عباس، لا يرضون بذلك. وقلوبهم

(1) مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 28.
(2) لأنهم هم فقط الذين كانوا ينقمون ذلك عليه، كما تدل عليه النصوص التاريخية، ولم يشر التاريخ، ولو من بعيد إلى شئ من ذلك من غيرهم على الاطلاق، بل نص على عكس ذلك كما عرفت، حتى من أهل بغداد أنفسهم..
(3) الطبري ج 11 ص 1025، وابن خلدون ج 3 ص 249، والكامل لابن الأثير ج 5، وغير ذلك.
وقال في النجوم الزاهرة ج 2 ص 174: " أنه بسبب ولاية العهد للرضا قامت الفتن، واضطربت البلاد " وقريب منه ما في مقدمة ابن خلدون ص 211، وواضح: أن ذلك قول مبالغ فيه. حيث لم يحدث بسبب البيعة شئ أصلا إلا في بغداد، وأما سائر البلاد، فقد خمدت الثورات فيها، واستوسقت للمأمون كما نص عليه الذهبي، وغيره حسبما تقدم، وحتى في بغداد نفسها كان أكثرها يؤيد المأمون في ذلك باستثناء العباسيين، ومن لف لفهم، قال في تاريخ أبي الفداء ج 2 ص 22: " وامتنع بعض أهل بغداد عن البيعة ".. ويتفق المؤرخون: على أن بغداد انقسمت إلى قسمين: قسم يقول: نلبس الخضرة، ونبايع وقسم يأبى ذلك. إلى أن غلب الممتنعون، لأن من بينهم رجال الدولة، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي..
(٣٨٢)
التالي
الاولى ١
٤٧٣ الاخيرة
الفهرست