الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٢٨٧
السابق
وهذا المنهج " الواقعي " القائم على النزاهة الفكرية والحرية العقلية هو الآن منهج عالمي، يدين به الجميع للقرآن وأصول الفكر الإسلامي على ما سنرى بعد (1) ففي حين استخلص علماء العالم القديم من اليونان " نظريات " عمموها ليخضعوا لها نتائج الاستنباط، وفرضت سيادة الفكر الارستطاليسي على العقل في أوربة منطق النظريات والعمومات، وقاومت الكنيسة في تاريخها القديم حرية التفكير، نرى القرآن ينبه " العقل " على الاعتبار بالمحسوس التي يتمثل في " الواقع " وأن يرفض الاستسلام للعمومات التي تحكم مقدما أي أمر واقع. ويرشد الإنسان إلى استعمال فكره " بحرية " من أي قيد.
بل نرى الإمام الصادق يعتبر " التقليد " مذلة عقلية " واستعبادا للنفس "، ويحاجج في ذلك حجاج القرآن، ويفسره تفسيره الرائع.
عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق في معنى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال (أما والله ما دعوهم إلى عبادة، ولو دعوهم ما أجابوهم. ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا. فعبدوهم من حيث لا يشعرون). وفي تعبير آخر يقول: عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال (والله ما صاموا لهم ولا صلوا. لكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم). فالاتباع دون فهم، في الحلال والحرام، أو غيرهما، ترك لزمام النفس في قبضة

(1) والارتباط بين فروع المعرفة أحد " الأساسيات " العلمية، وهي جميعا تستعمل الطريقة التجريبية وتلتزم حقائق الحياة الواقعة وقوانين الكون التي لا تتخلف ولا تدع مجالا للفراغ أو المجازفة أو الصدفة. كل شئ بمقدار. وكل أمر موزون - في الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
وفيما بينها. وفي العلوم الطبيعية والرياضية وفي العلوم الاجتماعية والإنسانية. والعلميون يستعملون مقولات: الوحدة والتفاضل والتكامل. واطراد العلل والنتائج. والآخرون يستعملون مقولات الوحدة، والتناسب والتناسق، والتزاوج والانسجام، في الأشياء والأشكال والألوان والأحجام.
ويستوى في ذلك الذين يلتزمون بالدين أو الذي يلتزمون بإنكاره.
ومن الموضوعية " سلطان الإرادة " الإنسانية في التعاقد، أي حريتها، مع تقيدها بالقانون الذي يجتمع عليه الناس. وهذا مظهر الحرية الشخصية والفكرية التي أتاحها الله لعباده وأمرهم أن يستعملوها لأنها وسيلة للحياة الكريمة وللتقدم. وهو معلم من معالم السبق التشريعي الإسلامي.
(٢٨٧)
التالي
الاولى ١
٣٨٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 2
2 الباب الأول ظهور الإسلام 9
3 ظهور الإسلام 10
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 11
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 34
6 ريحانة النبي في كربلاء 45
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 59
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 61
9 أهل البيت 62
10 بين أبناء على و بنى العباس 69
11 الفصل الثاني: الرجلان 84
12 الباب الثالث امام المسلمين 100
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 102
14 أهل المدينة 111
15 زين العابدين 118
16 الباقر 124
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 129
18 مجالس العلم 136
19 التلاميذ الأئمة 141
20 كل العلوم 148
21 مع القرآن 155
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 161
23 المذهب الجعفري 168
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 174
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 176
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 177
27 مصحف فاطمة 178
28 التدوين 178
29 مشيخة العلماء 188
30 التلاميذ من الشيعة 195
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 206
32 السنة 214
33 الإمامة 222
34 أمور خلافية في الفقه 235
35 الباب الخامس المنهج العلمي 250
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 252
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 279
38 في الدولة و قواعدها 281
39 المجتمع الجعفري 293
40 في المجتمع و دعائمه 299
41 الاخوة 302
42 المرأة 306
43 العلم 307
44 الدعاء 309
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 311
46 العمل 314
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 316
48 المال 324
49 العبادة و النفاق المال 325
50 كنز المال 331
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 334
52 عدالة السماء 341