الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٢٦٤
السابق
فالناشز زوجة ولكنها بلا نفقة. ومن النساء من ترث وليست زوجة. كمن طلقت في مرض الموت ومات زوجها قبل مضى سنة. والثابت أن عمر أعلن تحريم المتعة إذ خطب الناس فقال (متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى عهد أبى بكر. رضي الله عنه ، وأنا انهى عنهما...) وأنه حرمها وهو بصدد قضية لعمرو بن حريث ثم أطلق النهى.
وأهل السنة يقررون أن نهى عمر عنها كان إعلانا لتحريم ثابت قبل ذلك.
ولم تقبل الشيعة نهى عمر من بادئ الأمر بل قال علي (لولا نهى عمر عن المتعة ما زنى إلا شفا (قليل أو مشف على الهلكة) أو شقي.
وثبت عن الإمام الصدق قوله (ثلاث لا أتقى فيهن أحدا متعة الحج ومتعة النساء والمسح على الخفين).
ومن نوادر يحيى بن أكثم قاضي المأمون أنه سأل شيخا من أهل البصرة بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال بعمر. قال كيف وكان من أشد الناس فيها؟ (1) قال: إنه صعد المنبر فقال: أيها الناس. متعتان أحلهما الله ورسوله لكم. وأنا أحرمهما عليكم وأعاقب عليهما. فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه (2).

(١) كان يحيى مع المأمون عند ما رأى - وهو على رأس - جيشه لمحاربة الروم - جواز المتعة، فهي أول ما شرعت شرعت في الحرب، فأمر فنودي بتحليلها للمحاربين. قال يحيى لصاحبين كانا معه في سفر المأمون: بكرا إليه غدا فإن رأيتما للقول وجها فقولا. وإلا فأمسكا حق أدخل. فدخلا عليه فسمعاه مغتاظا يقول متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد أبى بكر وأنا أنهى عنهما. ومن أنت.. حتى تنهى عما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه؟ (يقصد عمر بكلامه) - فأو ماء أحد الرجلين لصاحبه وقال: رجل يقول في عمر أبن الخطاب... نكلمه نحن! وأمسكا حتى جاء يحيى... فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرا؟ قال: هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام.
قال المأمون: وما حدث في الإسلام؟
قال: النداء بتحليل الزنا.
قال المأمون الزنا!
قال نعم المتعة زنا - قال تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) زوجة المتعة ملك يمين؟
قال لا. قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث... ولها شرائطها؟ قال لا. قال يحيى: فقد صار متجاوز هذين من العادين. وهذا الزهري روى عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما عن علي بن أبي طالب قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان قد أمر بها.
وقال المأمون: محفوظ هذا من حديث الزهري؟
قال يحيى: رواه جماعة منهم مالك. قال استغفر الله نادوا بتحريم المتعة.
ولا غرابة في أن يعدل المأمون. فلقد طالما جلس هو وأخوه الأمين وأبوهما - الرشيد - في حلقة مالك.
(2) ولى يحيى القضاء في البصرة وعمره نحو عشرين سنة. فاستصغره أهل البصرة. فقال لهم أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به النبي قاضيا على مكة يوم الفتح. وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي قاضيا على اليمين. وأنا أكبر من كعب بن أبي الذي وجه به عمر قاضيا على البصرة.
وكان يحيى حسن التأتي للأمور ومنها سياسة القضاء والخلفاء: دخل على المأمون رجل يشكو وكيلا للمأمون أنه اشترى منه جواهر بثلاثين ألف دينار. فقال المأمون: لعل الوكيل اشترى لنفسه أو سلم الشاكي المال. قال الشاكي: فإذن أدعوك إلى القاضي الذي نصبته لرعيتك. وجئ بيحيى بن أكثم. فقال للمأمون: إنك لم تجعل ذلك مجلس قضاء: قال: قد فعلت: قال: فإني أبدا بالعامة أولا يصلح المجلس للقضاء... ففتح الباب - وقعد في ناحية من الباب وأذن للعامة. ثم دعي بالرجل. فقال له يحيى ما تقول: قال: أقول أن تدعو بخصمي أمير المؤمنين.
فنادى المنادى فإذا المأمون قد خرج ومعه غلام يحمل مصلى حتى وقف على يحيى وهو جالس.
فطرح المصلى ليقعد عليها فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين لا تأخذ على صاحبك شرف المجلس..
فطرح للرجل مصلى آخر، ثم نظر في دعوى الرجل. وطالب الرجل المأمون باليمين فحلفها المأمون.
ووثب يحيى بعد فراغ المأمون من يمينه فقام على رجليه. قال المأمون: ما أقامك؟ قال إني كنت في حق الله جل وعز حتى أخذته منك. وليس الآن من حقي أن أتصدر عليك.
فأمر المأمون أن يحضر ما ادعى الرجل من المال فقال له: خذه إليك والله يعلم ما دفعت إليك هذا المال إلا خوفا من هذه الرعية لعلها ترى أنى تناولتك من وجه القدرة وإنها لتعلم الآن أنى ما كنت أسمع لك باليمين وبالمال.
(٢٦٤)
التالي
الاولى ١
٣٨٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 2
2 الباب الأول ظهور الإسلام 9
3 ظهور الإسلام 10
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 11
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 34
6 ريحانة النبي في كربلاء 45
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 59
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 61
9 أهل البيت 62
10 بين أبناء على و بنى العباس 69
11 الفصل الثاني: الرجلان 84
12 الباب الثالث امام المسلمين 100
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 102
14 أهل المدينة 111
15 زين العابدين 118
16 الباقر 124
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 129
18 مجالس العلم 136
19 التلاميذ الأئمة 141
20 كل العلوم 148
21 مع القرآن 155
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 161
23 المذهب الجعفري 168
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 174
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 176
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 177
27 مصحف فاطمة 178
28 التدوين 178
29 مشيخة العلماء 188
30 التلاميذ من الشيعة 195
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 206
32 السنة 214
33 الإمامة 222
34 أمور خلافية في الفقه 235
35 الباب الخامس المنهج العلمي 250
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 252
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 279
38 في الدولة و قواعدها 281
39 المجتمع الجعفري 293
40 في المجتمع و دعائمه 299
41 الاخوة 302
42 المرأة 306
43 العلم 307
44 الدعاء 309
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 311
46 العمل 314
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 316
48 المال 324
49 العبادة و النفاق المال 325
50 كنز المال 331
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 334
52 عدالة السماء 341