اللمعة البيضاء - التبريزي الأنصاري - الصفحة ١٤٣
السابق
وروى أن عثمان لما ضرب رقية زوجته وهي بنت النبي (صلى الله عليه وآله) ضربا مبرحا حتى أثر السياط في بدنها على غير جناية تستحقها، فأتت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) شاكية قال: لا يليق بالمرأة أن تشكو من زوجها (1).
وهكذا كان يفعل أبدا، مع أن فاطمة (عليها السلام) كانت مطهرة معصومة من أدناس نساء الدنيا، فكيف جاز منها اعمال هذه الغيرة البشرية من غير أن تتفحص عن حقيقة الحال؟!.
ثم نقول: إن وقوع الواقعة على ما نقل لا يقدح أيضا بأحد الطرفين، اما علي (عليه السلام) فلأن هذا أمر مباح أباحه الشريعة وإن كتب الغيرة على الزوجة أيضا، فللرجل أن يتزوج على المرأة وللمرأة أن تأخذها الغيرة، وأما فاطمة (عليها السلام) فأولا: بأن الغيرة من الصفات الفاضلة، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يتمدح بها ويقول: (إن سعد الغيور وأنا أغير من سعد).
والتمدح بالغيورية ونفس صفة الغيورية من الأمور المباحة، وإلا فلا يتمدح النبي بالأمور المحرمة على الصحابة (2).

(1) الخرائج 1: 96 ضمن حديث 156، عنه البحار 22: 159 ضمن حديث 19.
(2) أقول: هذا الاستدلال مخدوش من عدة جهات:
أولا: إن الغيرة الممدوحة مختصة بالرجال لا النساء فإن غيرتهن كفر، كما جاء في نهج البلاغة في قصار الحكم: ((غيرة المرأة كفر وغيرة الرجل إيمان)) وقال (عليه السلام) أيضا في الغرر: ((غيرة المرأة عدوان)) وقال الباقر (عليه السلام): ((غيرة النساء الحسد، والحسد هو أصل الكفر، إن النساء إذا غرن غضبن، وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن)).
وثانيا: لو كانت الغيرة - حتى في النساء - من الصفات الفاضلة، لكانت عائشة أكثر فضلا من الزهراء (عليها السلام) لشدة غيرتها وحسدها على خديجة وفاطمة (عليها السلام)، والشاهد على ذلك قول علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: ((وأما فلانة فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين)) ثم قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في ذيل الحديث: قوله (عليه السلام): ((وضغن)) أي حقد، وكان من أسباب حقدها لأمير المؤمنين (عليه السلام) سد النبي (صلى الله عليه وآله) باب أبيها من المسجد وفتح بابه، وبعثه بسورة براءة بعد أخذها من أبي بكر، وإكرام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) وحسدها عليها... [راجع البحار 32: 242].
وثالثا: إن الزهراء التي هي الحجة على الأئمة (عليهم السلام) - كما ورد ذلك عن الإمام العسكري (عليه السلام) - والتي قال الإمام الحجة فيها: ((في ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي أسوة حسنة)) والتي ((فطم الخلق عن معرفتها)) والتي ((دارت القرون الأولى على معرفتها)) والتي قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي في حقها: ((يا علي وأنفذ لما أمرتك به فاطمة)) كيف تصدر منها هذه الأمور؟!.
(١٤٣)
التالي
الاولى ١
٩٠٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 لمحة عن حياة المؤلف 4
2 اسمه ونسبه: 4
3 حياته العلمية: 4
4 أقوال أصحاب التراجم في حقه: 5
5 أولاده وذراريه: 6
6 آثاره وتأليفاته: 6
7 شعره وأدبه: 9
8 وفاته: 16
9 منهج التحقيق: 16
10 بعض فضائل خديجة الكبرى 20
11 بعض فضائل الزهراء (عليها السلام) 21
12 عدم جواز الفصل بين النبي والآل 25
13 الفرق بين أولاد فاطمة وغيرهم 30
14 " تتميم ": الكلام في أن ولد البنت ولد 34
15 كلام ابن أبي الحديد في الحسنين 40
16 الكلام في بعض فضائل الزهراء (عليها السلام) 41
17 تتميم الكلام في بعض فضائل الزهراء (عليها السلام): 50
18 ذكر المقامات الأربعة للمعصومين 60
19 فصل: في أن عليا نفس رسول الله 64
20 " تمهيد مقال لبيان حال " 69
21 صور الوضع اللفظي 75
22 في طهارة دم المعصومين 82
23 الأخبار الدالة على طهارة دم المعصوم 88
24 فصل في أسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام) 93
25 الأخبار في تسميتها بفاطمة 93
26 الأخبار في تسميتها بالزهراء 102
27 الأخبار في تسميتها بالإنسية الحوراء 111
28 الفرق بين الملك والجن والشيطان 115
29 في كونها (عليها السلام) أم أبيها 120
30 في وجه تكنية الحسين (عليه السلام) بأبي عبد الله 125
31 سائر ألقابها وكناها (عليها السلام) 129
32 في تسميتها ببضعة الرسول 129
33 في تسميتها بمشكاة الضياء وفي تفسير آية النور 142
34 تفصيل في بيان التمثيل: 149
35 تتميم الكلام بكلام أربعة نفر من الأعلام: 158
36 تحقيق من المصنف 167
37 في تسميتها (عليها السلام) بسيدة النساء 175
38 في تسميتها (عليها السلام) بأم الأئمة 183
39 في تسميتها (عليها السلام) بالمحدثة 193
40 في تسميتها (عليها السلام) بالبتول 199
41 تكميل: في باقي أسمائها (عليها السلام) 201
42 في بيان الفواطم 204
43 فصل في فضائل الأئمة (عليهم السلام) 206
44 فصل في ولادة الزهراء (عليها السلام) 225
45 في فضائل خديجة سلام الله عليها 228
46 في تاريخ ولادة الزهراء (عليها السلام) ومدة عمرها 231
47 تتميم: في خصائصها وبعض معجزاتها 232
48 عقد مفصل بالشذور في عقد النور من النور: 235
49 فصل: في خطبتها (عليها السلام) 235
50 فصل: في تزويجها في السماء 242
51 فصل: في تزويجهما في الأرض 250
52 فصل: مجيء الأصحاب بالتحف والهدايا 259
53 فصل في أولاد فاطمة (عليها السلام) 277
54 فصل في نقش خاتمها وأدعيتها (عليها السلام) 282
55 فصل وأما الكلام في ذكر فدك والعوالي وغصبها عنها 290
56 فصل: العلة في غصب فدك والعوالي 302
57 فصل في ذكر احتجاجات فاطمة (عليها السلام) 307
58 مصادر الخطبة الشريفة 315
59 دفع إشكالين 319
60 الشروع في شرح الخطبة 324
61 في معنى الإجماع 325
62 كتاب تبع اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله) 336
63 فصل الأخبار في دعوى فدك 744
64 الفصل الأول 765
65 الفصل الثاني 780
66 دفع إشكالين: 821
67 " تنبيه " 841
68 في بيان حالات الزهراء (عليها السلام) ووفاتها 845
69 خاتمة " في تظلمها يوم القيامة وكيفية مجيئها إلى المحشر " 889