الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٦٧٠
السابق
قبضت (1).
وعن علي (عليه السلام) قال: إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاءت إلى قبر أبيها بعد موته (صلى الله عليه وآله) فوقفت عليه (2) وبكت ثم أخذت قبضة من تراب القبر فجعلتها على عينها ووجهها،

(١) البحار: ٤٣ / ٢٠١ وبلفظ " ما رؤيت ضاحكة " وانظر الكافي: ١ / ٤٥٩ ولكن بلفظ " لم تر كاشرة ولا ضاحكة... " المناقب لابن شهرآشوب: ٣ / ١١٩ بزيادة على ما في البحار "... قط منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى توفيت ".
(٢) نعلم جميعا أنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) افتجع له الصغير والكبير، وكثر عليه البكاء، وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب والغرباء والأنساب، ولم تلق إلا كل باك وباكية، ونادب ونادبة، ولم يكن أهل الأرض فقط بل أهل السماء، وكان أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) وكان حزنها يتجدد ويزيد، وبكاؤها يشتد، فجلست - كما في بعض الروايات - سبعة أيام لا يهدأ لها أنين، ولا يسكن منها الحنين، كل يوم جاء بكاؤها أكثر من اليوم الأول، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن، فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت، فكأنها من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تنطق، فتبادرت النسوان، وخرجت الولائد والولدان، وضج الناس بالبكاء والنحيب، وجاء الناس من كل مكان وأطفئت المصابيح لكي لا تتبين صفحات النساء وخيل إلى النسوان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قام من قبره، وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم، وهي (عليها السلام) تنادي وتندب أباها: وا أبتاه، وا صفياه، وا محمداه، وا أبا القاسماه، وا ربيع الأرامل واليتامى، من للقبلة والمصلى، ومن لأبنتك الوالهة الثكلى. ثم أقبلت تعثر في أذيالها، وهي لا تبصر شيئا من عبرتها ومن تواتر دمعتها، حتى دنت من قبر أبيها محمد (صلى الله عليه وآله) فلما نظرت إلى الحجرة ووقع طرفها على المأذنة فقصرت خطاها، ودام نحيبها وبكاها، إلى أن أغمي عليها، فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها حتى أفاقت، فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول: رفعت قوتي، وخانني جلدي، وشمت بي عدوي، والكمد قاتلي، يا أبتاه بقيت والهة وحيدة وحيرانة فريده، فقد انخمد صوتي، وانقطع ظهري، وتنغص عيشي، وتكدر دهري فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لو حشتى، ولا رادا لدمعتي ولا معينا لضعفي، فقد فنى بعدك محكم التنزيل، ومهبط جبرئيل، ومحل ميكائيل، انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب، وتغلقت دوني الأبواب فأنا للدنيا بعدك قالبة، وعليك ما ترددت أنفاسي باكية، لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك. ثم نادت: يا أبتاه والباه، ثم قالت:
إن حزني عليك حزن جديد * وفؤادي والله صب عنيد ... إلى آخر الأبيات الموجودة في البحار: ٤٣ / ١٧٦، فراجع.
إذا الحزن والبكاء من لوازم العاطفة البشرية ومن مقتضيات رحمته سبحانه وتعالى ما لم يصحبها من منكر القول والفعل. فقد ورد في مسند أحمد: ١ / ٣٣٥ عن ابن عباس قال: قال: (صلى الله عليه وآله) مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان. وانظر الغدير: ٦ / ١٥٩، السنن الكبرى: ٤ / ٧٠، العرائس للثعالبي / ٦٤ ط بمبي، دعوة الحسينية / ٧٥ جاء فيها بكاء آدم (عليه السلام) على ابنه هابيل حيث قال:
ومالي لا أجود بسكب دمع * وهابيل تضمنه الضرح وقد بكى إبراهيم (عليه السلام) على إسماعيل (عليه السلام) كما جاء في المصادر السابقة، وبكى يعقوب (عليه السلام) على يوسف (عليه السلام)، وبكى زكريا (عليه السلام) على يحيى (عليه السلام) وبكى الرسول (صلى الله عليه وآله) على جده عبد المطلب وعلى أمه وأهل بيته. ولسنا بصدد بيان كل من بكى على أمه وأبيه وأخيه وصاحبته وبنيه وصديقه وجاره فمن شاء فليراجع المصادر التالية:
الطبقات الكبرى: ١ / ١٢٣ ط بيروت، فرائد السمطين: ١ / ١٥٢، المناقب للخوارزمي: ٢٦، ينابيع المودة: ٥٣ و، و: ١ / ٤٠٣ ط أسوة، تاريخ بغداد: ١٢ / ٣٩٨، و: ٧ / ٢٧٩، المستدرك:
٣
/ ١٣٩ و ٤ / ٤٦٤، كنز العمال: ١٣ / ١١٢، و: ١٥ / ١٤٦، و: ٦ / ٢٢٣، تاريخ دمشق: ٢ / ٣٢٧، سنن ابن ماجة: ٢ / ١٣٦٦، ذخائر العقبى: ١٧ وما بعدها، حلية الأولياء: ١ / ٦٦، سنن البيهقي:
٤ / ٧٠، المصنف لابن أبي شيبة: ١٢ ٦، مقاتل الطالييين: ٢٩٠ ط الحيدرية، فرائد السمطين: ٢ / ٣٤ و ١٠٤ و ١٧٢، دلائل النبوة ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)، الصواعق المحرقة: ١١٥ و ١٩٠ ط المحمدية، المعجم الكبير للطبراني: ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)، كفاية الطالب: ٢٧٩ ط الغري، مجمع الزوائد:
٩
/ ١٨٧.
وانظر أعلام النبوة للماوردي: ٨٣ ب ١٢، جوهرة الكلام: ١١٧، نظم درر السمطين: ٢١٥، مسند أحمد: ٢ / ٦٠ الطبعة الثانية، البداية والنهاية لابن كثير: ٦ / ٢٣٠، و: ٨ / ١٩٩، الروض النضير: ١ / ٨٩، تذكرة الخواص: ١٤٢، تهذيب التهذيب: ٢ / ٣٤٧، تاريخ الإسلام: ٣ / ١٠، سير أعلام النبلاء: ٣ / ١٩٣، الروض الأنف: ٣ / ٢٤، الاستيعاب بهامش الإصابة: ٢ / ٣٤٨، قاموس الرجال: ١٠ / ٤٣٩، مروج الذهب: ٢ / ٢٩٨، شرح النهج لابن أبي الحديد: ٢ / ٣٠، و:
٦ / ٧٧ الطبعة الأولى تحقيق أبو الفضل، الكامل لابن الأثير: ٣ / ١٧٨، تاج العروس: ٢ / ٤٥٤، لسان العرب: ٤ / 336.
(٦٧٠)
التالي
الاولى ١
٦٧٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 6
2 مقدمة التحقيق 8
3 ترجمة المؤلف 14
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 15
5 مكانته العلمية 16
6 شيوخه 19
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 20
8 آثاره العلمية 20
9 شهرة الكتاب 23
10 مصادر الكتاب 24
11 رواة الأحاديث من الصحابة 37
12 مشاهير المحدثين 45
13 مخطوطات الكتاب 53
14 طبعاته 56
15 منهج العمل في الكتاب 57
16 شكر و تقدير 59
17 مقدمة المؤلف 68
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 92
19 في المباهلة 92
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 112
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 130
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 140
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 142
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 150
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 158
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 165
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 200
28 فائدة 416
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 419
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 431
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 443
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 449
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 474
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 482
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 485
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 516
37 فصل: في ذكر البتول 524